تشهد ريادة الأعمال الشبابية نمواً متسارعاً على مستوى العالم، حيث أصبحت محركاً أساسياً للابتكار، وخلق فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام من خلال الاستثمار في مشروعات الشباب والخريجين. ويعد الاستثمار الملائكي، بما يقدمه من تمويل أولي وخبرات وشبكات علاقات متنوعة، حافزاً بالغ الأهمية للشركات الناشئة التي يقودها فئة الشباب. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الاستثمار الملائكي في العديد من الدول النامية، ومن بينها العراق، في مراحله البدائية، مما يستدعي دراسة متعمقة لواقعه وتحدياته وفرصه المحتملة.
المستثمرون الملائكيون هم مجموعة معقدة من الأفراد ذوي الدوافع المتعددة. وعلى الرغم من أن العائد المالي هو الهدف الأساس، إلا أنهم مدفوعون أيضاً بالتأثير الاقتصادي والاجتماعي والرغبة في دعم الابتكار وريادة الأعمال. إذ يلعب المستثمرون الملائكيون دوراً حاسماً في دعم الشركات الناشئة في المراحل المبكرة، ودفع الابتكار، وخلق القيمة الاقتصادية، وسد الفجوة التمويلية الحيوية في النظام البيئي للشركات الناشئة. ويختلف الاستثمار الملائكي عن رأس المال المخاطر والتمويل التقليدي (تمويل المصارف والبنوك)، حيث يعتمد الاستثمار الملائكي على الأموال الشخصية في تمويل المشروعات الاستثمارية، ويمكن للمستثمر الملائكي أن يشارك بخبرته في إرشاد رواد الأعمال والشركات الناشئة التي يهدف إلى تقديم الاستثمار لها، على عكس البنوك والمصارف الخاصة التي يكون مصدر أموالها ودائع العملاء ولا تقدم أي مشورة أو تعد دراسة جدوى لصاحب المشروع الريادي.
توجد مراحل أساسية لتقديم الاستثمار الملائكي، حيث تتميز كل مرحلة بخصائصها الخاصة، ومخاطرها، ومكافآتها المحتملة، وهي تتوافق مع مراحل تطور الشركة الناشئة. إن فهم هذه المراحل يساعد المستثمرين الملائكيين على اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة، وتخصيص الموارد بكفاءة، وإدارة المخاطر بشكل فعال. كما يساعد رواد الأعمال على فهم توقعات المستثمرين وتصميم عروضهم التقديمية بشكل أفضل. وتعد منطقة وادي السيليكون موطناً للمستثمرين الملائكيين المعاصرين، كما أنها تعد موطناً لأكبر عدد من الشركات الناشئة في الولايات المتحدة. وقد تلقت منطقة وادي السيليكون نحو (39%) من إجمالي الاستثمارات البالغة (7.5) مليار دولار في الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها في الربع الثاني من عام 2011. وارتفع الاستثمار الملائكي إلى (22.5) مليار دولار من إجمالي التمويل في عام 2011، أي أكثر بنحو (2.4) مليار دولار مقارنة بالاستثمارات في عام 2010. كما ارتفع حجم الاستثمار الملائكي في عام 2023 إلى نحو (30) مليار دولار، مع وجود حوالي (300,000) مستثمر ملائكي نشط.
والإشكالية الرئيسية في العراق بخصوص الاستثمار الملائكي تتمثل في أن رواد الأعمال الشباب يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة. وهذا يعيق نمو القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد في البلاد.
