back to top
المزيد

    واحة البيان

    الثقة بالنظام السياسي العراقي

    امنة علي كاظم/ طالبة علوم سياسية في جامعة النهرين

    إن الثقة بالنظام السياسي العراقي تشكل عاملاً أساسياً لاستقرار الدولة، إلا أنها واجهت تحديات كبيرة منذ عام 2003، أبرزها الفساد المالي والإداري، والانقسامات السياسية والحزبية والطائفية، والتدخلات الخارجية، والتي ساهمت جميعها في تآكل الثقة وتراجع المشاركة الانتخابية، الأمر الذي انعكس في ضعف المشاركة السياسية من قبل الشباب واتساع الفجوة بين المواطنين والحكومات المتعاقبة. ثم بدأت الأزمات السياسية تتكرر، وسوء تقديم الخدمات، وغياب المحاسبة، مما زاد من إحباط الشارع العراقي، مما أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق تطالب بالإصلاح. ورغم بعض المبادرات والبرامج الحكومية، إلا أن المعالجات لا تزال محدودة، مما يعزز الشعور لدى نسبة ليست قليلة بعدم جدوى إصلاح النظام السياسي الحالي. تلعب السياسة دورًا محوريًا في تشكيل العلاقة بين الشعب والنظام السياسي في العراق. فمن خلال القرارات والسياسات التي تتبناها الحكومات المتعاقبة، تتحدد درجة الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة ومدى قدرتها على تلبية احتياجات المواطنين وتحقيق الاستقرار. كما أن الاستجابة للاحتجاجات الشعبية والتعامل مع المطالب المشروعة يؤثران بشكل مباشر على موقف المواطنين من النظام. فالإصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة يمكن أن تساعد في استعادة الثقة، بينما يؤدي القمع والفساد المستمر إلى فقدانها بشكل أكبر.

    وأبرز المشاكل التي ساهمت في انعدام الثقة هي ظاهرة الفساد والمحسوبية، التي أصبحت ثقافة في مؤسسات الدولة، فالفساد متجذر ويعيق التنمية ويعزز الشعور بعدم العدالة، لقد أدى ضعف الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم والصحة إلى زيادة استياء المواطنين، خاصة مع غياب المحاسبة الفعالة للجهات المسؤولة. كما أدت التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية بين الأحزاب السياسية إلى عدم استقرار الحكومات المتعاقبة، مما خلق حالة من الإحباط الشعبي.

    رغم التحديات التي تواجه الثقة، ولكن هناك بعض المحاولات لاستعادة ثقة الشعب بالنظام السياسي، منها:

    • محاولات بعض الحكومات تبني إصلاحات سياسية واقتصادية، مثل مكافحة الفساد وتحسين الخدمات.
    • تزايد دور الشباب والمجتمع المدني في الضغط من أجل التغيير والإصلاح.
    • محاولات تعزيز الشفافية في بعض مؤسسات الدولة عبر رقابة برلمانية وإعلامية أكبر.

    لكن نجاح هذه المحاولات يعتمد على قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات حقيقية تلبي طموحات المواطنين، بعيدًا عن الحلول المؤقتة أو الوعود غير المنفذة.

     ورغم محاولات الإصلاح التي أطلقتها الحكومات في برامجها الوزارية، إلا أن هذه الجهود لم تحقق تغييرات جذرية بسبب غياب الإرادة السياسية الحقيقية والضغوط الداخلية والخارجية، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة النطاق، وأبرزها احتجاجات تشرين 2019، التي طالبت بتغييرات جذرية في النظام السياسي، ومحاربة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، وإجراء تعديلات دستورية، وتحسين الخدمات الأساسية.

    بشكل عام، تلعب السياسة دورًا مزدوجًا إما أن تكون أداة لتحقيق الاستقرار والتنمية، أو عاملًا في زيادة الاستياء الشعبي وانعدام الثقة بالنظام.

    اقرأ ايضاً