د. حسين أحمد السرحان/ مركز الدراسات الاستراتيجية -جامعة كربلاء
يشهد العالم انتقالات سريعة في التطور التكنولوجي، وتعددت انعكاسات ذلك على مختلف جوانب الحياة وأبرزها الاقتصاد، وأصبح يفرض انماطاً من السلوك الاقتصادي – في جانبه المالي – بعيداً عن السياسات المالية والأطر التنظيمية والقانونية والتدخلات الحكومية لتكون الرقمنة هي الإطار الكامل، وبفعل التحول الرقمي لكثير من جوانب الحياة، برز الاقتصاد كأحد أكثر القطاعات تأثراً، حتى بدأنا نشهد الانتقال نحو الاقتصاد الرقمي. وفي الجانب المالي، ظهرت العملات الرقمية والبنوك الرقمية والتي دفعت حكومات اقتصادات كبيرة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي كالصين والولايات المتحدة بالتحول نحو رقمنة عملاتها، نظراً لما لها من مزايا مهمة تدفع إلى تعجيل النمو وتحسين العمليات الاقتصادية دون اللجوء إلى الأساليب التقليدية.
يمكن القول إن هذا التحول نحو الاقتصاد الرقمي لا يرتبط بالفلسفة الاقتصادية للدول أو بسياساتها الاقتصادية (سواء كانت قائمة على اقتصاد السوق أو آلية العرض والطلب)، والتي قد تُفرض من قِبل المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية وفقاً لتطور المدارس الاقتصادية، بقدر ما هو انعكاس للتطور التكنولوجي والتحول الرقمي. وقد أثّر هذا التحول على القطاع المالي من خلال العملات الرقمية، بعد أن انعكس في وقت سابق على قطاع التجارة، حيث ظهرت التجارة الإلكترونية وحققت تطوراً كبيراً.