زياد عبد الرحمن علي / جامعة الموصل / كلية العلوم السياسية
يُمثل إقليم كردستان العراق نموذجاً خاصاً في التفاعل مع المتغيرات الإقليمية والدولية، مستفيداً من موقعه الجغرافي الاستراتيجي ومنظومته السياسية الخاصة. في ظل الظروف السياسية والأمنية المعقدة التي تمر بها المنطقة عموماً والعراق خصوصاً، تبنّى الإقليم سياسة قائمة على الواقعية والتوازن، مما مكّنه من الحفاظ على درجة من الاستقرار الداخلي والتعامل بمرونة مع التحديات المحيطة. ويستند إقليم كردستان إلى تفسيره لمواد دستور 2005 لمنحه صلاحيات واسعة، مكّنته من إدارة شؤونه الداخلية والخارجية بشكل شبه مستقل، بما في ذلك إقامة علاقات خارجية فعالة.
وفي سياق الأزمة السورية، اضطلع إقليم كردستان بدور محوري في التعامل مع تداعياتها، سواء من خلال استيعاب موجات اللاجئين السوريين أو عبر بناء جسور التعاون مع القوى الكردية في سوريا. وتبرز هذه الجهود أهمية الإقليم كفاعل إقليمي يسعى إلى الحفاظ على استقراره وتعزيز دوره في المنطقة. فضلاً عن ذلك، يعمل الإقليم على تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على النفط، من خلال جذب الاستثمارات وتطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى. كل هذه العوامل تجعل من إقليم كردستان حالة دراسة مهمة لفهم كيفية إدارة الأقاليم ذات الاستقلالية النسبية لأوضاعها في بيئات إقليمية مضطربة.
هذا البحث يهدف إلى استكشاف الأبعاد المختلفة لهذه السياسات من خلال تحليل تأثير الأوضاع الراهنة في سوريا على إقليم كردستان العراق، وكيفية تفاعل الإقليم مع التحديات السياسية والاقتصادية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.