علي مبارك عبدالنبي/ باحث
بين عامي 2005 و2023، شهدت الساحة السياسية في البصرة تحولات كبيرة. سيطرت الأحزاب الإسلامية مثل حزب الفضيلة والمجلس الأعلى بين عامي 2005 و2009، في ظل تحديات أمنية وصراعات سياسية. في الفترة بين 2009 و2013، ارتفع نفوذ ائتلاف دولة القانون بقيادة خلف عبد الصمد في البصرة، في حين تراجع تدريجياً نفوذ حزب الفضيلة. برز تيار الحكمة خلال هذه الفترة كتمثيل للمجلس الأعلى، وحقق تأثيراً ملحوظاً في البصرة، لكنه بدأ يفقد قوته تدريجياً بعد 2018 مع تراجع شعبيته. بين عامي 2013 و2018، استمرت هيمنة دولة القانون رغم الانقسامات الداخلية، بينما حاول تيار الحكمة الحفاظ على دوره، لكن دون تحقيق نتائج كبيرة. أما بين عامي 2018 و2023، فشهدت الساحة ظهور تحالف تصميم بقيادة أسعد العيداني كقوة جديدة، مع تراجع نفوذ دولة القانون وتيار الحكمة والأحزاب التقليدية. هذا التحول عكس تغير المزاج الشعبي نحو دعم قيادات محلية بديلة بسبب سوء الخدمات وتصاعد الاحتجاجات.
تستعرض هذه الورقة البحثية تحليلاً شاملاً لانتخابات مجالس المحافظات في البصرة بعد عام 2005، مع التركيز على التحولات السياسية التي شهدتها المحافظة. تتناول الورقة هيمنة الأحزاب السياسية التقليدية، مثل “دولة القانون” و”الفضيلة” و”المجلس الأعلى”، على المشهد السياسي في البصرة بعد التغيير السياسي في العراق، ثم تبرز صعود تحالف “تصميم” بقيادة أسعد العيداني، الذي مثّل نقطة تحول في السياسة المحلية. كما تركز الورقة على تأثير هذه التحولات على استقرار الحكومات المحلية في البصرة، وخصوصاً مع الاستقالات المتكررة للمحافظين ورؤساء المجالس.
يهدف البحث إلى تحليل كيفية تأثير انتخابات مجالس المحافظات على التحولات السياسية في البصرة، مع تسليط الضوء على صعود تحالف “تصميم” وأثره في انتخابات 2023، ودوره في تحرر البصرة من الهيمنة الحزبية المركزية. كما يركز البحث على عودة عمل مجالس المحافظات بعد فترة من التوقف وكيفية تأثير ذلك على عملية اتخاذ القرارات السياسية المحلية.
يقدم الباحث في هذه الورقة المنهجية التي تعتمد على تحليل نتائج الانتخابات المحلية والتشريعية من 2009 إلى 2023، مع التركيز على دراسة الانتخابات في البصرة، واستخدام المقارنة بين التحالفات السياسية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يتم مراجعة الأدبيات السياسية ذات الصلة التي تسلط الضوء على تأثير الهيمنة الحزبية وتحولات المشهد السياسي في البصرة.