أدت عملية سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري إلى إنتاج واقع إقليمي جديد. بدأت دول الإقليم، ومنها العراق، بقياس مجالات الربح والخسارة الناتجة عن سقوط نظام الأسد. تاريخياً، تمثل العلاقات العراقية-السورية واحدة من أعقد العلاقات الإقليمية في المنطقة، وذلك بسبب تحركها ضمن مسارات متعددة، بين الصراع تارة والوفاق تارة أخرى. ومع ذلك، فإن الثابت هو أنها لم تكن علاقات على وتيرة واحدة، وخصوصاً بعد وصول صدام حسين وحافظ الأسد إلى السلطة في البلدين. في تلك الفترة، أصبحت العلاقات بينهما واحدة من أشد العلاقات توتراً في الشرق الأوسط، لا سيما خلال الحرب العراقية-الإيرانية في ثمانينيات القرن العشرين، حين وقفت سوريا إلى جانب إيران في هذه الحرب.
إن سقوط نظام الأسد بهذا الشكل المفاجئ، وانسحاب كل من إيران وروسيا من سوريا، جعل سوريا ما بعد الأسد تواجه استحقاقات كبيرة قد لا تختلف كثيراً عن تلك التي واجهها العراق بعد سقوط نظام صدام حسين. قد يكون الفارق الوحيد في هذا الإطار هو أن التفاعل الإقليمي والدولي الذي تحظى به سوريا اليوم لم يحظَ به العراق في السابق. مع ذلك، يبقى الأهم بالنسبة لنا هو المستقبل الذي ينتظر العراق بعد سقوط نظام الأسد، وكيف سيتفاعل صانع القرار السياسي العراقي مع هذا المتغير الجديد في المنطقة.