كمال سمين إبراهيم / باحث
فرض سقوط نظام بشار الأسد في سوريا واقعاً جديداً على دول المنطقة تأثر منه جميع سواء بالإيجاب او السلب، وفي مقدمتهم العراق، بحكم الجوار الجغرافي والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والمحطات السياسية للعراق مع سوريا منذ سقوط نظام صدام حسين، اذ لا نبالغ ان قلنا ان أي حدث سياسي في سوريا لابد بأي شكل من الاشكال ان ينعكس على العراق، ما يستوجب لان يكون للحكومات العراقية رؤية واضحة للتعامل مع الشأن السوري، وهذا ما دفع حكومة محمد شياع السوداني الى تبني استراتيجية نشطة في التعامل مع الواقع الجديد من خلال دبلوماسية نشطة سواء في داخل العراق او خارجه، والنصائح القيمة الذي ابدها السيد محمد شياع السوداني للنظام السوري جديد منها: ((بضرورة تمثيل كافة المكونات الشعب السوري لضمان تعزيز استقرار سوريا))، اثناء لقائه مع الوفدين الماني والامريكي، طبعاً لا يمكن انكار أهمية النصيحة وإيجابية تمثيل كافه مكونات الشعب السوري على النظام السوري الجديد، واستقراره الداخلي، ودفعه لحكومات السورية القادمة الى اتباع سياسات وسطية بشكل لا يشعر به أي طرف بالمظلومية والاقصاء، كذلك يلطف صورة النظام امام المجتمع الدولي باعتباره نظاماً لا يقصي اي طرف، كما ينعكس بشكل إيجابي على سياستها الخارجية، اذ لا شك بان تمثيل المكونات المختلفة لشعب السوري (كالعرب، والكرد، والتركمان، والعلويين، والدروز، وغيرهم) يجبر الحكومات السورية القادمة الى عدم اتباع لسياسات متشددة حيال أي دولة من دول المنطقة وبالأخص العراق، على عكس من الحكومات ذات لون أيديولوجي واحد احتمالية تعصبها في بعض القضايا وارد بشكل كبير، كما ان تمثيل كافة مكونات الشعب السوري يوسع هامش المناورة العراقية في سياسته الخارجية مع القوى السياسية السورية، عن طريق التقاط النقاط المشتركة بشكل افضل لصالحه.
نتمنى الأفضل لنا ايضاً
وكما نتمنى الأفضل لشعب السوري يجب ان يكون النظام العراقي ايضاً ممثلاً لكافة مكونات الشعب العراقي، وان ما نتطرق اليه في هذا مقال هي حالة المكون التركماني، اذ يُعتبر التركمان المكون القومي الثالث والاكبر حجماً في العراق بعد المكونين العربي والكردي، وذلك بقرار الرسمي من مجلس النواب العراقي بتاريخ 21 نيسان 2012، والذي اعتبر تركمان المكون الأساسي والقومية الثالثة في العراق، و كان القرار تمهيداً لقانون المسمى بـ (مشروع قانون تنظيم حقوق التركمان) الذي لم يتم تشريعيه، إضافة الى دراسات الباحثين (العرب والأجانب) المحايدين الذين تناولوا في دراساتهم الثقل الاجتماعي التركماني في العراق وعمقه التاريخي، وشهادة تقارير الدول الاجنبية والمنظمات الدولية والشخصيات العراقية البارزة، ومع ذلك نرى على سبيل المثال الكابينة الوزارية الحالية لسيد محمد شياع السوداني لا تضم وزير تركماني بذلك لا تلم جميع مكونات الشعب العراقي، جعل هذا الامر التركمان بعيدين عن المجال السياسي العراقي العام والمناقشة لاهم الأمور السياسية والقوانيين الذي يخص المجتمع العراقي ويخصهم، ومثالاً على ذلك هو (مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها) ما زاد من احساسهم بالإقصاء عن المشاركة.
لماذا اذن؟
وبعد استعراض ما ذُكر أعلاه تبرز امامنا علامة استفهام حول سبب عدم تمثيل التركمان بشكل يناسب استحقاقهم القومي؟ وهذا ما يحيلنا الى اشكاليتين، أولها: تطرق اليه السيد السوداني بنفسه عندما سأله مواطن تركماني في برنامج (بيستون توك)، عن سبب عدم تمثيل التركمان في كابينته الوزارية، فكان رد بانه: (كان مع اشراك التركمان، الا ان القضية كان موضوع الشد والجذب بين الكتل السياسية حول من يرشح شخصية تركمانية لتولي وزارة، ولم يتم ترشيح شخصية تركمانية في اخر الامر)، طبعاً هذا المنطق مرفوض، ببساطة لعدم قبول أي طرف بان يكون استحقاقه الوطني موضوع محاصصة بين الكتل السياسية المختلفة، اما الإشكالية الثانية: تتعلق بالوزن الانتخابي لكل طرف، وهذا يحيلنا الى موقف تركمان من مسالة سجل الناخبين، واعتقاد سياسيين التركمان ان وزنهم الانتخابي لا يمثل عددهم الحقيقي، بسبب النظام الانتخابي العراقي الذي لم يكن من صالحهم، بالإضافة الى مجلس الوزراء لا يتناسب تمثيل التركمان مع استحقاقهم القومي في جميع مفاصل الدولة سواء في الإدارة الاتحادية او الإدارات المحلية.
لضمان امن العراق واستقراره
هذا فقط جزء من شعور بالمظلومية والتهميش لدى الشعب التركماني فقط، اذا لا يجب ان يُفهم من سياق المقال هو المطالبة بمنصب وزير للمكون التركماني، انما هو معالجة جادة لأزمة نظام الحكم وجذور التوترات السياسية بتمثيل عادل لكافة المكونات الشعب العراقي على أسس الكفاءة والجدارة والذي يمتلك الشعب التركماني منهم الكثير وفي جميع مفاصل الدولة، لإعادة ثقتهم بالنظام السياسي، ودعوا السيد محمد شياع السوداني ان يكون له بصمة واضحة في تعديل بنية النظام السياسي العراقي، لضمان امن العراق واستقراره.