زياد عبدالرحمن علي/ تدريسي في كلية العلوم السياسية جامعة الموصل
يشكل إقليم كردستان العراق نقطة استراتيجية في قلب منطقة الشرق الأوسط ، حيث تتشابك المصالح الدولية الإقليمية والتي تتعلق بالأمن، والطاقة، والسياسة، ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تثار تساؤلات حول ملامح العلاقة المستقبلية بين الإقليم والإدارة الأمريكية الجديدة خاصة في ظل ما شهدته العلاقات بين الجانبين خلال ولايته الأولى من دعم عسكري ودبلوماسي، مقابل تطلعات كردية لتعزيز مكانة الإقليم على المستويات الإقليمية والدولية.
يقع إقليم كردستان في صميم الاستراتيجية الأمريكية في العراق والمنطقة بشكل عام، وقد ساهم في تعميق هذا الموقع عبر الاستقرار النسبي والتعاون الطويل مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويعود ذلك بسبب الموقع الجغرافي والجيوسياسي للإقليم، إضافة إلى طبيعة القيم السائدة في الإقليم على المستوى الاجتماعي، والاحتكاك الذي عاشه اهل كردستان مع القيم الدولية ازاء السلم العالمي والحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية. وبالتالي، فإن وجوده ضمن هذه الاستراتيجية نادراً ما يتغير بتغيير الرئيس الامريكي أو انتقال الحكم بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ومع ذلك فإن استمرار هذا الدور وتأثيره يعتمد على التزام الإقليم بمسؤوليات معينة تعزز مكانته في الاستراتيجية الأمريكية.
لقد ركزت إدارة دونالد ترامب الأولى على تقوية الحلفاء الإقليميين لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، فضلاً عن قلقه بشأن الجماعات الإرهابية وهو ما انعكس إيجاباً على إقليم كردستان باعتباره حليفاً رئيسياً في الحرب ضد تنظيم داعش، ومع ذلك يبقى التحدي الأكبر في تحقيق التوازن بين طموحات الإقليم والمصالح الأمريكية من جهة وضغوط القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران من جهة أخرى.
وهنا يجب علينا التساؤل حول مدى جدية إدارة دونالد ترامب للسعي لتعزيز الشراكة مع الإقليم لدعم استقرار المنطقة، أم أنها ستتبنى نهجاً مغايراً يتماشى مع الأولويات الجديدة؟ هذا التساؤل يفتح الباب لتساؤلات أخرى حول دور إقليم كردستان في صياغة مستقبل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.