د. ليث علاء خضير / تدريسي في قسم الاستراتيجية/ جامعة النهرين
تمثل سوريا بحكم موقعها الجيوبولتيكي حلقة حيوية للتفاعل ضمن الحدود الجغرافية للمنطقة، فمن حيث نطاق التوازنات شكلت سوريا مركزاً لاستدامة محور المقاومة من حيث التأثير، وهي تمثل حقيقة ما كتبه مارتن أنديك في كتابه “أبرياء في الخارج”: “لا سلام من دون سوريا”، كتوصيف لأهمية سوريا في صنع الاستقرار في المنطقة، والذي يرتبط مباشرة بموقعها في التوازنات الاقليمية القائمة وحدود الصراعات التي تتبنى فيها الدول القوة لحماية أمنها القومي.
من حيث نطاق الأحداث التي جرت في سوريا، فإن سقوط نظام الأسد كان يمثل واحدة من أهم المعطيات التي تتصل بطبيعة الحراك الداخلي، فوضع جبهات المعارضة والإرادات الإقليمية كان لها دور كبير في هذا الجانب، ومن بين الأسباب التي أسهمت في سقوط النظام السوري هو ضعف حزب الله وانشغاله في الحرب ضد الكيان الصهيوني، وما رافق الأحداث في غزة والضاحية الجنوبية من تطورات أسهمت في استنزاف القدرات المعنوية والعسكرية لمحور المقاومة. إلى جانب دور تركيا الذي أسهم في زيادة احتمالات المكاسب المتوقعة بالنسبة للمعارضة. مع الأخذ بعين الاعتبار تكاليف الحرب الروسية في أوكرانيا والتوافق الروسي التركي على ضمانات لمصالح روسيا في سوريا. والتي أسهمت جميعها في تصدع الوظيفة التي كانت تؤديها سوريا ضمن حدود نطاقها الخارجي.
ومن ثم فإن فهم خارطة الوضع في سوريا وفقاً لما تفرضه الأحداث المتتالية من حركة جديدة في المتغيرات تشكل واحدة من أهم التداعيات الجيوسياسية التي تتصل بالتفاعل بين القوى والأطراف المؤثرة والمتأثرة بالمشهد السوري، والتي يعد العراق واحداً من أهمها تأثراً في هذا الشأن.