مريم علي إبراهيم/ كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين
على الرغم من استمرار تمركز القوة في النظام الدولي لدى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن طبيعة التفاعلات الدولية تتجه نحو إعادة تصميم حركة المتغيرات على شكل جديد يدفع باتجاه إعادة توزيع القوة وفقاً لما تفرضه الحسابات المنطقية للقوى الرئيسة في النظام الدولي من خلال تعديل نصيبها في القوة ودور جديد يتناسب مع حجم القوة التي تمتلكها.
تعد مجموعة دول البريكس تحالفاً قائماً على المصالح المشتركة، مدفوعاً بدوافع تتصل بالرغبة في تعديل نطاق التفاعلات التي يشهدها النظام الدولي. ويتجلى ذلك في شعار القمة التي عقدتها في أكتوبر 2024 تحت عنوان: “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”. يهدف هذا الشعار إلى تعزيز الرؤية الاستراتيجية التي تتبناها دول المجموعة، الهادفة إلى تعديل نصيبها من القوة الدولية وإعادة توصيف مكانتها في النظام العالمي، مما يجعلها تحظى بأهمية كبيرة كقوة قادرة على التأثير وتعزيز موقعها في نظام دولي متجه نحو التغيير.
اجتمعت مجموعة البريكس على تحقيق أهداف محددة، تهدف إلى إصلاح الحوكمة العالمية وطرح أسس جديدة لتشكيل البنية الدولية والنظام المالي. ومن بين هذه الأهداف: إنشاء سلة عملات، تطوير عملة جديدة، إطلاق نظام “بريكس باي”، وتأسيس شبكة دفع عبر الحدود كبديل عن نظام SWIFT. كما تسعى المجموعة إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي والمؤسسات المالية التي تقودها الولايات المتحدة، في محاولة للحد من الصدمات الاقتصادية الناتجة عنه، مثل العقوبات الاقتصادية، تقلبات سعر الصرف، معدلات الفائدة المرتفعة، والمديونية. إلى جانب ذلك، تطمح البريكس إلى إعادة تشكيل النظام الدولي وتعزيز دورها الاقتصادي والمالي في الهيكل العالمي.
وقد أسهمت قمة البريكس في إعادة روسيا الاتحادية إلى طاولة اللقاءات السياسية متعددة الأطراف بجانب زعماء الدول الأخرى، منذ اندلاع الحرب الأوكرانية- الروسية، رغم مذكرات إلقاء القبض الصادرة بحق فلاديمير بوتين واتهامه بارتكاب الجرائم في أوكرانيا والاعتداء على حقوق الإنسان متحدية العزلة التي يحاول الغرب فرضها عليها.