حيدر جليل خلف / باحث
تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة وتحليل وزارة الخارجية العراقية، التي تحتفل هذه الأيام بالذكرى المئوية لتأسيسها، حيث لعبت الوزارة على مدى المائة عام الماضية دوراً محورياً في تشكيل العلاقات الخارجية للعراق، والتنقل عبر ديناميكيات إقليمية معقدة، وإدارة دبلوماسية البلاد على الساحة العالمية، وقد حققت نجاحات يُشار لها بالبنان، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التاريخ الغني، تواجه الوزارة تحديات كبيرة تُعيق بعض فعاليتها في عالم مترابط ومتشابك، وتتعمق هذه الورقة في هذه التحديات، مع التركيز على البنية التحتية القديمة، والوصول الدبلوماسي المحدود، والحاجة المُلحَّة إلى التحديث والمواكبة في بعض مفاصلها.
إن أحد المكونات الرئيسة لهذه الدراسة هو التقييم النقدي للاتجاه الاستراتيجي الحالي للوزارة، وفحص كيفية مواءمة السياسة الخارجية العراقية مع الأولويات الوطنية والاتجاهات العالمية، كما تقيم الورقة دور الوزارة في تعزيز صورة العراق العالمية، وتعزيز السلام، والتعاون الاقتصادي، والدبلوماسية الثقافية، وتحدد الثغرات الحرجة في الاستراتيجيات الدبلوماسية العراقية، وتُقدم تحليلاً شاملاً لكيفية إصلاح جهاز السياسة الخارجية للبلاد لتعزيز مكانة العراق ونفوذه الدوليين.
تقترح هذه الورقة سلسلة من التوصيات العملية القابلة للتنفيذ والتي تهدف إلى الإسهام في تحويل وزارة الخارجية إلى مؤسسة أكثر ديناميكية وفعّالية، وتشمل هذه التوصيات تبنّي الممارسات الدبلوماسية الحديثة، وتحسين البنية التحتية التكنولوجية للوزارة، والاستثمار في بناء قُدرات الدبلوماسيين، والاستفادة من الدبلوماسية الاقتصادية والثقافية كأدوات لتعزيز العلاقات الخارجية للعراق، كما تدعو الورقة إلى مشاركة أكثر قوة واستباقية في المنتديات الدولية، وضمان أن يلعب العراق دوراً مهماً في معالجة التحديات العالمية، من الأمن الإقليمي إلى الاستدامة البيئية، وغيرها من القضايا الرائجة الآن على المستوى الإقليمي والعالمي، والتي تُشكل جزءاً كبيراً من التواصل الدبلوماسي الدولي.
تسلط هذه الورقة الضوء على إمكانات وزارة الخارجية في دفع ظهور العراق كفاعل عالمي محترم ومؤثر، ومن خلال تنفيذ الإصلاحات المقترحة، يمكن للعراق تعزيز تواصله الدبلوماسي، وبناء علاقات أقوى مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي الأوسع، وتعزيز السياسة الخارجية التي تدعم التنمية الوطنية والسلام، فضلاً عن أن التحول الناجح لوزارة الخارجية العراقية سوف يتطلب الالتزام والرؤية والاستثمار الاستراتيجي، ولكن الفوائد التي تعود على مكانة العراق العالمية وآفاقه المستقبلية هائلة.