د. علي فارس حميد/ أستاذ الدراسات الدولية والاستراتيجية/ جامعة النهرين.
منذ فوز المرشح دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للتنافس داخل الحزب الجمهوري، وجميع المؤشرات داخل الولايات المتحدة الأمريكية تتجه نحو احتمال فوزه في الانتخابات الرئاسية لأسباب عديدة تتعلق بالسياسات التي تبناها الحزب الديمقراطي والرئيس جو بايدن طوال مدة إدارته للولايات المتحدة الأمريكية. إذ رافقت هذه المدة مشاكل عديدة تتعلق بالبرامج الصحية والحريات والمشاكل الأخلاقية التي بدأت تطفو بشكل متزايد، مؤثرة على العديد من الدوافع الداخلية لتجديد ثقة الشعب الأمريكي بالحزب الديمقراطي بشكل عام، والمرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس بشكل خاص، التي لم تحظَ بتأييد معظم الجماعات الضاغطة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن إشكاليات أخرى تتصل بتراجع مكانة الولايات المتحدة بسبب المواقف المترددة التي تتبناها الإدارة الأمريكية تجاه القضايا العالمية.
ومما لا يقبله الشك فإن طبيعة الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط قد كان لها تأثير كبير في توجه الشعب الأمريكي، فعدم الجدية في التعامل مع الجرائم التي يقوم بها الكيان الصهيوني قد أنتجت ردة فعل على سياسة جو بايدن تجاه الكيان الصهيوني، خاصةً من قبل طلبة الجامعات الأمريكية، فضلاً عن تطورات كبيرة شهدها النظام الدولي كالحالة مع قمة بريكس وتنامي قوة الصين في عالم الجنوب، مما سيكون له تداعيات محتملة على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها القوة المهيمنة عالمياً.
تشكل توجهات ترامب ظاهرة سياسية، فمن حيث التحليل تعنى بدراسة السلوك الذي يمكن أن يتبناه تجاه القضايا المؤثرة في النظام الدولي، والذي عادةً ما يكون مصحوب بسياسات غير متوقعة، ففي إدارة ترامب السابقة كانت السياسات تتجه إلى تعظيم الموارد الاقتصادية وتعزيز حماية الحلفاء وتمكينهم من تبني اجراءات الوقاية والدفاع، وتزايد تأثير المعطيات الاقتصادية بحكم الذهنية الفكرية لدونالد ترامب مما جعل إدارة قضايا النظام الدولي مرتبطة بالقيمة الاقتصادية وهذا ما يمكن أن يكون واحداً من ملامح الإدارة التي سيتبناها مع فريقه السياسي في البيت الأبيض.