د. سناء عبد القادر مصطفى – الأكاديمية العربية في الدنمارك/ رئيس قسم الاقتصاد والإدارة المالية والمصرفية – دكتوراه في الاقتصاد الصناعي
يقاس تطور الاقتصاد الوطني في أي بلد بمستوى تطور التأمين فيه، حيث يشكل التأمين أحد المفاصل المهمة في إدارة المنشآت والمشاريع الصناعية، وأحد مصادر الادخار (الاستثمار) في قطاعات الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، لم ينل موضوع التأمين بشكل عام، ولا تأمين المشاريع والمنشآت الصناعية بشكل خاص، الاهتمام الكافي في برامج الأحزاب السياسية العراقية، ولا في برامجها الانتخابية منذ تأسيسها في أواسط ثلاثينيات القرن الماضي، حين تبنى الحزب الشيوعي العراقي قضية العمالة في بداياته. ومنذ تأسيس الدولة العراقية بمؤسساتها، لم يحظَ هذا القطاع بالاهتمام الكافي، إلا ما ورد بشكل يسير في مجال الضمان الاجتماعي، مع افتقار واضح للتحليل العلمي.
أما الحكومات المتعاقبة على حكم العراق، فلم تولِ موضوع التأمين الاهتمام الكافي من حيث تبني القوانين واللوائح والقرارات أو الإرشادات الواجب الالتزام بها. كما لم ينصرف جل اهتمام العاملين في مجال التأمين إلا إلى المسائل الفنية، تاركين الأهمية الاقتصادية لهذا القطاع في تنمية وتطوير الاستثمار في البلد. ولم تُنشر الأبحاث العلمية لطلبة الدراسات العليا على مستوى الدبلوم العالي والماجستير أو الدكتوراه في الجامعات العراقية في مجال التأمين، وإنما بقيت محفوظة على رفوف مكتبات هذه الجامعات .لذلك، سأركز في هذه المقالة على موضوع تأمين مشاريع المنشآت الصناعية في العراق فقط.
وحتى شركة التأمين الوطنية التي تعتبر نفسها الشركة الأولى والرائدة في مجال التأمين في العراق كونها تأسست في العام 1950 وفق القانون 56 والتي رسالتها هي : “خدمة المجتمع العراقي والحفاظ على الاقتصاد والثروة القومية من خلال تشجيع سوق العمل بتوفير مختلف الأغطية التأمينية مما يوفر الأمان والاطمئنان لرجال الأعمال وبالتالي زيادة استثماراتهم داخل البلد، وبما يخدم بناء عراقنا الحبيب” ومع ذلك، لم تولِ الشركة اهتماماً خاصاً بتأمين المنشآت الصناعية على الرغم من أن هدف الشركة هو ” المساهمة في التنمية الاقتصادية من خلال انشطتها التأمينية والإنتاجية والاستثمارية وذلك عن طريق توفير الحماية التأمينية لأفراد المجتمع والثروة القومية مما ينعكس بصورة ايجابية على اقتصادنا الوطني من خلال تشجيع استثمار الأموال عن طريق حمايتها بغطاء تأميني رصين من خلال كافة الأغطية التأمينية التي تمنحها شركتنا والتي تساهم في الحماية من المخاطر المختلفة أن وقعت واعادة المؤمن له إلى ما كان عليه قبل تحقق الخطر لبلوغ اعلى مستوى ممكن من النمو الاقتصادي إضافة إلى نشر الوعي التأميني والوقائي بما يخدم اقتصادنا الوطني “. ومن الجدير بالذكر أن أهداف شركة التأمين الوطنية هي:
أولاً: تمارس الشركة جميع أنواع التأمين العام (التأمين البحري، تأمين الحريق والحوادث، التأمين على السيارات، التأمين الزراعي، التأمين الهندسي) والتأمين على الحياة وإعادة التأمين وتقديم المشورة في كل حالة لها علاقة بالتأمين
ثانياً: استثمار أموال الشركة في مختلف أوجه الاستثمار (الاستثمار العقاري، الودائع والحوالات، الاكتتاب بأسهم الشركات، الإقراض العقاري) العمـــــولات تختلف العمولات التي تمنحها الشركة لأجهزتها التسويقية الرسمية والأهلية حسب أنواع التأمين وكذلك حسب القنوات التسويقية.
ومن خلال قراءة أهداف الشركة السالفة الذكر أعلاه، نرى أنه لا يوجد ذكر صريح لتأمين المشاريع الصناعية في القطاعات العامة والخاصة والمختلطة. أن هذا يعكس قلة اهتمام القائمين في الشركة بمسألة تأمين القطاع الصناعي برمته ولا حتى استثمار أموال الشركة في إقامة مشاريع صناعية مهما كان نوعها تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني العراقي.
وتكمن أهمية الورقة في تسليط الضوء على مسألة مهمة تخص تطور القطاع الصناعي في العراق كونه أحد الفروع المهمة في الاقتصاد الوطني العراقي. فيما تهدف الورقة إلى تسليط الضوء على أهم التحديات التي يمكن أن تواجه مستقبل تطور القطاع الصناعي العراقي في تأمين المشاريع الصناعية في القطاعات العامة والخاصة والمختلطة ضد جميع أنواع المخاطر.