د. رعـد سامي التميمي/ المستشار السياسي الأقدم / المفوضية العليا المستقلة للانتخابات
في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الحاكمة في المنطقة وما يرافقها من تداعيات على البيئة السياسية الداخلية العراقية، التي أضحت بوادر الانقسام السياسي بين القوى السياسية الحاكمة واضحة فيها حول رؤية إدارة الدولة في المرحلتين الحالية والقادمة، الأمر الذي يشكل منعطفاً جديداً في احتدام المنافسة السياسية المبكرة التي تسعى من خلالهِ القوى السياسية التي تحكم المشهد السياسي العراقي الحالي الحفاظ على وجودها وتأثيرها السياسييَن في مستقبل الخريطة السياسية في العراق.
وانسجاماً مع ذلك، بدأ الحراك السياسي المبكر لهذهِ القوى بالعمل على تعديل قانون انتخاب مجلس النواب، بدورتهِ السادسة المزمع تنفيذها في تشرين الثاني 2025، إذ إستند هذا القانون الى نظام التمثيل النسبي كنظام انتخابي ووفقاً لصيغة سانت ليكو المعدلة (1,7)، ليطرح بديلاً لهذا النظام الانتخابي هو النظام الانتخابي المختلط.
وعلى الرغم من ان النظام الانتخابي المختلط هو أحد الأنظمة الثلاثة الرئيسة بالإضافة الى نظامي التمثيل النسبي – (الذي طُبق في العراق بصيغ مختلفة إنتقلت من الـ( هيركواتا) القاسم الإنتخابي الى السانت ليكو والسانت ليكو المعدل منذ انتخاب الجمعية الوطنية عام 2005، مروراً بانتخاب مجلس النواب بدوراتهِ الأربعة)- الى نظام الأغلبية (الفائز الأول) في انتخاب مجلس النواب بدورتهِ الخامسة في عام 2021.
بيد ان النظام الانتخابي المختلط المطروح الآن هو نظامٌ مختلفٌ عن النظام المختلط المعروف عالمياً بصيغتيه (المتوازي والمتكامل).
الإ ان الأنظمة الانتخابية الثلاثة سالفة الذكر لا تتصف بالجمود أو إنها قوالب ثابتة، وإنما تخضع الى تعديلات وتغييرات حسب طبيعة المرحلة السياسية الحاكمة.
وهناك تساؤلات جوهرية عديدة بحاجة الى إجابات واضحة، وسنسعى من خلال هذهِ الدراسة الى الإجابة عنها وهي كالآتي:
ما الأسباب الرئيسة التي دفعت الى اقتراح تعديل قانون انتخاب مجلس النواب؟
وكيف يختلف النظام الانتخابي المطروح عن النظام الانتخابي المختلط المعتمد عالمياً؟
وكيف سيؤثر هذا النظام الانتخابي في نفوذ القيادات الكاريزمية التي تتمتع بشعبية واسعة؟
ما هي نتائج هذا النظام على الخريطة السياسية للتحالفات السياسية؟
وما هو شكل الحكومة القادمة؟ هل هي حكومة أغلبية سياسية أم حكومة توافق وطني؟
وسنقدم شرحاً للنظام الانتخابي المختلط بنوعيهِ المعتمدتين (المتوازي والمتكامل) مع شرح مفصل للنظام الانتخابي المختلط المطروح للنقاش الآن، مع التركيز على طرائق الإنتخاب وإحتساب النتائج وتوزيع المقاعد التي سيتم إعتمادها فيه، فضلاً عن محاولة الوقوف عند متطلبات الخريطة السياسية التي يسهم في تشكيلها هذا النظام وطبيعة التحالفات التي يفرضها، فضلاً عن شكل الحكومة القادمة.