م.م. نورا رياض الدباغ / مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية
شَهِد شهر نيسان من العام (2023) كشف النقاب عن (مشروع 2025) من قِبل مؤسسة التراث (Heritage Foundation) التي إعتادت على إقتراح مخططات سياسية للإدارات الجمهورية الأمريكية المستقبلية منذ إنتخاب (رونالد ريغان) في عام (1980). حيث وصف رئيسُ المؤسسة (كيفن روبتس) المشروعَ (بالثورةِ الأمريكية الثانية).
أما صحيفة “لوتان” السويسرية، ذكرت (إن المشروع هو بمثابة خريطة طريق لرئاسة ترامب الذي نأى بنفسه مؤخرا عنه لأسباب تكتيكية إنتخابية لأن المشروع في الواقع متفجر، فهو يعادل على الصعيد الأميركي، شبه تغيير في النظام).
ففي الأشهر القليلة الماضية، سعت إدارة الرئيس الإمريكي السابق (جوزيف بايدن) إلى تعزيز الوعي بهذا المشروع لدى الناخبين؛ من أجل تحويله إلى رمز للتحول السياسي اليميني المتشدد بمجرد أن يصبح (دونالد ترامب) رئيسأ للولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى. فعلى الرغم من كون الكثيرين من أقرب مستشاري (ترامب) السياسيين الذين من المرجح أن يشغلوا مناصب رفيعة في إدارته ضالعون بشدة في المشروع، إلا إن الأخير أعرب في وسائل التواصل الإجتماعي في تموز الماضي عن عدم معرفته بأي شئ حوله.
ببساطة إن (مشروع 2025) إقتصادي في جوهره يضم مجموعة من المقترحات السياسية التفصيلية التي وضعها مئات من المحافظين البارزين متأملين أن يتبناها (ترامب) في حال أصبح رئيساً. وهذه المقترحات يضمها كتاب يتألف من نحو (922) صفحة تستهدف خفض الضرائب على الأغنياء لزيادة العمليات الاستثمارية، وزيادتها على الطبقات الأخرى.
حيث جاء في الموقع الرسمي للمشروع (إن تصرفات السياسيين الليبراليين في واشنطن خلقت حاجة ماسة وفرصة فريدة للمحافظين للبدء في إزالة الضرر الذي أحدثه اليسار وبناء بلد أفضل لجميع الأميركيين في عام 2025).
ويتكون (مشروع 2025) من أربعة ركائز رئيسة هي:
- دليل سياسات الإدارة الرئاسية المقبلة.
- قاعدة بيانات على غرار موقع (LinkedIn) للموظفين الذين يمكن أن يخدموا في إدارة (ترامب).
- التدريب لمجموعة المرشحين التي يطلق عليها اسم (أكاديمية الإدارة الرئاسية).
- دليل الإجراءات التي يجب اتخاذها خلال أول (180) يوماً من تولي الرئيس لمنصبه.
أما عن أبرز القضايا التي تم مناقشتها فيه:
- القضايا الإجتماعية: عبر إلغاء الموافقة التي دامت (24) عاماً على حبوب الإجهاض (الميفيبريستون) المستخدمة على نطاق واسع، مع وضع قواعد أكثر صرامة لاستخدام ذلك العقار، مع توصية وزارة العدل بإنفاذ (قانون كومستوك) ضد مقدمي وموزعي حبوب الإجهاض، كما يقترح المشروع تقليص عدد المستفيدين من برنامج (Medicaid) الطبي ، ما يعني أنّ أعداداً هائلة من الأميركيين ستكون معرّضة لفقدان تغطية الرعاية الصحية الخاصة بها . كما و يحث المشروع أي برنامج داخل إدارات الصحة و الخدمات الإنسانية أن يحافظ على تعريف الزواج و الأسرة المعزز بالعلم الاجتماعي، وهذا التعريف يتفق مع المنع الذي أصدره (ترامب) ضد المتحولين جنسيًا من الخدمة في الجيش الأمريكي ، وقد رفع (بايدن) هذا المنع ، لكن دليل (مشروع 2025) يدعو إلى إعادة الحظر ، مع غرس سياسات مناهضة للشواذ ، و إعادة قيم الفطرة السليمة للمجتمع الأمريكي .
- قضايا الهجرة: التي لا تتضمن إيقاف بناء الجدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك فقط، بل تحث على إستخدام الرد الهجومي ضد المهاجرين عبر الحدود، ويتضمن هذا النهج الإستعانة بعسكريين في الخدمة الفعلية من جهة، والحرس الوطني من جهة ثانية، للمساعدة في عمليات الإعتقال على طول تلك الحدود.
- قضايا التعليم: عن طريق الإلغاء التدريجي لمبلغ (18) مليار دولار المخصص حالياً لدعم المدارس العامة والخاصة التي تعاني الفقر، مما ويُعرّض آلاف المعلّمين لخطر فقدان وظائفهم، ويؤدي إلى تأثّر الكثير من الطلاب سلباً. وفرض شروط جديدة على المقترضين الحاليين من الطلبة، ومن ضمنها إلغاء أي إعفاء من القرض وتسديد القروض عن طريق دفع نسبة (10%) من الدخل فوق خط الفقر، وهي خطة تتعارض مع خطة (SAVE) التي وضعت في عهد (بايدن). وبالتالي، سيؤثر ذلك سلباً في المدفوعات الشهرية للأشخاص الذين لم ينالوا شهادة جامعية أو الخرّيجين على حد سواء.
- قضايا السياسة الخارجية: يدعو المشروع إلى زيادة الرسوم الجمركية على المنافسين و زيادة الضغوط على الصين ، و زيادة مخزون الرؤوس الحربية النووية ، و تمويل و تطوير و نشر أسلحة نووية جديدة ؛ من أجل حماية مصالحها الإستراتيجية ، ومنح المشروع (ترامب) سيطرة واسعة لتوجيه المساعدات الدولية الأمريكية .