م.م. نورا رياض الدباغ/ مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية
تقع الإنتخابات الأمريكية الحالية عرضة لمجموعة من التهديدات السيبرانية التي قد تؤثر على مدى مصداقية نتائجها. داخلياً: تشهد الحملات الانتخابية بين الجمهوري (دونالد ترامب) و الديمقراطية (كاملا هاريس) دعماُ لخلق محتوى مزيف بشكل دقيق ، لا يمكن تميزه عن الواقع، عبر صنع صور ومقاطع فيديو معدلة بشكل إحترافي تتضمن خطابات و تصريحات تهدف إلى تعزيز مواقفهما السياسية وتقديمهما بصورة مثالية أمام الناخبين من جهة ، و تشويه صورة إحداهما للآخر من جهة ثانية . الأمر الذي يتطلب إستجابة فعالة من السلطات الأمريكية؛ لحماية العملية الانتخابية، والحفاظ على صورتها (الديمقراطية) في عصر يتزايد فيه تضليل وتشويه المعلومات بشكل كبير. حيث تؤكد وزارة الأمن الداخلي الأميركية أن النظام الإنتخابي (محصن) لكن تبقى إمكانيات الذكاء الاصطناعي من جانب، وإصرار جهات مختلفة على تنفيذ محاولات مكثفة لإرباك الناخب، بل وتغيير نتائج الانتخابات من جانب آخر، مهددة للانتخابات على نحو كبير.
ومن هنا يمكن لنا رؤية الأساليب المتبعة من الحزب الجمهوري، بوصفه مستخدماً رئيساً لتقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال:
- توظيف الذكاء الإصطناعي لتحليل ردود الفعل عند الجمهور، أثناء المناظرات الأمر الذي يساعدهم على تعديل الخطاب السياسي وفقاً للوضع القائم.
- توليد خطابات ذات رسائل سريعة وفعالة و بعبارات مميزة تترك أثراً واضحاً ضد الخصوم و تكرارها بإستمرار في المجال المغلق ضمن ما يُعرف بإستراتيجية (غُرف الصدى)، و بما يضمن الفوز في المناظرة.
في المقابل فإن الحزب الديمقراطي إتخذ مجموعة خطوات تلافياً للخسائر منها:
- تنظيم إستخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات السياسية عبر التركيز على شفافية المعلومات المراد طرحها في الحملة الإنتخابية.
- توظيف التقنيات المضادة للكشف عن المحتوى المزيف وتعقبه.
- إطلاق حملات توعية لتثقيف الناخبين حول كيفية التعرف على المعلومات المضللة.
أما على الصعيد الخارجي: فوكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية ترى إمكانية جهات خارجية من توظيف الذكاء الإصطناعي في الانتخابات الأميركية عبر إستراتيجيتين:
الأولى: إستراتيجية التصعيد الآلي: تتضمن إنشاء كودات ورموز ومعلومات ضمن خوارزميات معقدة لخداع مسؤولي الانتخابات والناخبين بغية الاختراق والوصول غير المصرح به إلى الأنظمة والبيانات الحساسة. ففي حزيران من العام الجاري وفقاً لشركة (مايكروسوفت)، فإن مجموعة القرصنة المعروفة باسم (مينت ساندستورم) كانت وراء محاولة إختراق أرسلت بموجبها مجموعة رسائل الكترونية مُزيفة للتسلل إلى حسابات وقواعد بيانات الحملة الرئاسية لترامب؛ بهدف الوصول بنجاح إلى الإتصالات الداخلية فيها وتعطيل العملية الديمقراطية ونزع الشرعية عنها. وعليه، أعلن ترامب أن (مايكروسوفت) أبلغت السلطات الإمريكية بإختراق الحكومة الإيرانية لحملته دون أن يتمكن القراصنة من الحصول على أي معلومات سرية، وهو الاختراق الذي أرجعه ترامب إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي وصفها بالضعيفة.
ثانياً: إستراتيجية الهندسة الاجتماعية: عبر شبكات تحليل البيانات لصياغة هجمات تستغل نقاط الضعف البشرية وتؤدي إلى خداع الأفراد؛ للكشف عن معلومات سرية وبالتالي تهديد أمن الانتخابات. حيث توجد مواقع إخبارية تستخدم أسماء مميزة مثل دي سي ويكلي أو بوسطن تايم، توحي للقارئ بأنها موقع إخباري موثوق، أو مواقع تستخدم شعاراً مزيفاً للمواقع الإخبارية المعروفة تصنع حالة من الإرباك عند الناخب. فضلاً عن وجود حسابات وهمية على مواقع التواصل الإجتماعي تُديرها الحكومة روسية تنشر محتوى يُضخم من القضايا الخلافية في المجتمع الأمريكي. مثل قضايا الهجرة والتظاهرات في الجامعات الأمريكية والمساعدات العسكرية لأوكرانيا. والهدف من هذه الحسابات الوهمية هو خلق حالة من الجدل يطلق عليها (العملية المتوازية أو المُشابه).
في الختام، يمكن القول إن الإنتخابات الأمريكية الحالية تواجه تحدياً يتعلق بالأمن السيبراني الذي يعتبر سلاحاً ذو حدين. و على السلطات الأمريكية تعزيز أمنها القومي، عبر تعزيز أمنها السيبراني، زيادة الوعي العام، عبر تطوير سياسات جديدة تتعلق بإستخدام التكنولوجيا الإستخدام الأمثل دعماً لإنتخابات شفافة .