زياد عبد الرحمن علي/ كلية العلوم السياسية جامعة الموصل
يُعد إقليم كردستان العراق واحداً من أهم المناطق الجغرافية والسياسية في الشرق الأوسط حيث يمتاز بتنوعه الثقافي والسياسي، يُضاف إلى ذلك زيادة التحديات التي تواجه الإقليم في السنوات الأخيرة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، مما دفع صانعي القرار إلى البحث عن استراتيجيات قيادة جديدة تلبي احتياجات الشعب الكردي في الإقليم وتستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة.
في هذا السياق، وفي المشهد السياسي المعاصر لإقليم كردستان العراق، يتصدر نيجيرفان البارزاني رئيس الإقليم، ومسرور البارزاني، رئيس الوزراء واجهة القيادة، مستقطبين اهتمام القوى المحلية والإقليمية والدولية، ينحدر كلاهما من سلالة البارزاني التاريخية التي قادت العمل السياسي الكردي لعقود خلت تحت بقيادة الرئيس مسعود البارزاني. ومع ذلك، فإن نقاط الالتقاء عند هذا الإرث المشترك تتوقف عند حدود الاسم والتاريخ، إذ يُمثل كل من نيجيرفان ومسرور فلسفتين قياديتين متباينتين تنعكسان على السياسات المتبعة والرؤى المستقبلية للإقليم.
التباين بين هذين القائدين لا يقتصر على الأسلوب فقط، بل يمتد ليشمل كيفية مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، نيجيرفان البارزاني بشخصيته البراغماتية والدبلوماسية، يسعى إلى تعزيز الاستقرار الداخلي عبر بناء جسور التوافق مع القوى السياسية المختلفة داخلياً وخارجياً، في حين يمثل مسرور نهجاً أكثر حزماً، مركزاً على تعزيز السلطة داخل الإقليم بشكل مركزي، وتطوير البنية الأمنية والاقتصادية للإقليم، في مسعى لتأسيس نظام أكثر استقلالية وفاعلية.
تستهدف هذه الدراسة مقارنة سياسات نيجيرفان ومسرور البارزاني، من خلال تحليل الأساليب والاستراتيجيات المتبعة لكل منهما، بالإضافة إلى تأثير هذه السياسات على مستقبل إقليم كردستان من خلال هذه المقارنة، نسعى إلى تقديم رؤية شاملة حول الخيارات السياسية المتاحة وكيف يمكن أن نضع مشاهد مستقبلية للإقليم في ظل التحديات المعقدة التي يواجهها.
وينبغي الإشارة الى أن هذا التباين في الاستراتيجيات بين الرجلين يضع الإقليم أمام مفترق طرق مهم، حيث يمكن القول إن خيارات المستقبل تُصاغ اليوم عبر تفاعل هاتين المدرستين القياديتين المختلفتين، مما يجعل مراقبة هذا المشهد السياسي ضرورة لفهم مسارات التغيير والتأثير في كردستان العراق والمنطقة ككل.