د. عدنان عبد الأمير مهدي الزبيدي/ جامعة تكريت / كلية العلوم السياسية
تاريخياً عرف العراق الصناعة عبر حضاراته الموغلة في القدم، وتمثلت بصناعة السفن والعجلات والأسلحة والنسيج والخزف وغيرها، وفي تاريخ الصناعة العراقية الحديث، مرت بمراحل متعددة من الصعود والانحدار في مستوى مساهمتها في الاقتصاد العراقي، إذ تميزت الفترة الزمنية (1950-1958) بالبداية الجادة في القطاع الصناعي في العراق، وذلك بعد ارتفاع عائدات النفط الخام وإنشاء مجلس الأعمار الذي تولى عملية النهوض التنموي وخاصة في جانب التنمية الاقتصادية في البلاد.
فالانطلاقة الحقيقية كانت مع تأسيس مجلس الأعمار عام ( 1950) عندما تبنى البدء بالمشاريع التنموية الصناعية، وتوزيعها جغرافياً باتجاه المحافظات الفقيرة نسبياً من أجل رفع المستوى التنموي فيها وتنويع اقتصادها، وبعد ذلك شهدت فترة السبعينيات من القرن المنصرم ازدهار الصناعة العراقية سواء في الأسواق العراقية و الإقليمية والدولية، مما زاد من التنويع القطاعي الاقتصادي، وزيادة فرص تشغيل الأيدي العاملة وفي جميع المحافظات، والتوجه نحو الصناعات الثقيلة ومنها صناعة الحديد والصلب ، وبعد العام ( 1980) بدأ الانحدار التنموي الشامل في العراق وخاصة الجانب الاقتصادي بسبب الحروب العبثية والحصار الاقتصادي الذي أمتد لثلاثة عشر عاماً تقريباً، وانتهاءً بالاحتلال الأمريكي عام 2003، وما تبعه من تدهور حقيقي لجميع الأنشطة الاقتصادية وخاصة القطاع الصناعي، أصبح اقتصاد البلاد ريعياً يعتمد على سلعة اقتصادية أحادية وهي النقط الخام ولأكثر من 90% مما زاد من تفاقم مشاكل البطالة، والإغراق السلعي الكبير من المنتج الأجنبي الصناعي والزراعي، ولأسباب متعددة سياسية وأمنية واقتصادية.