back to top
المزيد

    تنمية وتمكين الفاعلين الثقافيين في العراق: مقترح استراتيجي للدراسات العليا في السياسات الثقافية

    حيدر جليل خلف – باحث

    واجه القطاع الثقافي في العراق تحديات كبيرة في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم الاستقرار السياسي والصراع ونقص الاستثمار، وقد تركت هذه القضايا البُنية التحتية الثقافية في البلاد في حالةٍ هشة، مع القليل من الدعم الرسمي لتطوير السياسات أو الإدارة أو القيادة المؤسسية داخل المجال الثقافي، ولذا فإن الحاجة إلى التدخل الاستراتيجي أمر بالغ الأهمية، حيث يتمتع القطاع بإمكانات هائلة لتعزيز الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي والنمو الاقتصادي، وخاصة من خلال الحفاظ على التراث والفنون والسياحة، وعلى الرغم من هذه الإمكانات، فإن غياب البرامج الأكاديمية المتخصصة التي تعالج السياسات الثقافية والإدارة الثقافية في العراق، أدى إلى خلق فجوة كبيرة في تطوير القطاع.

    استجابةً لهذه التحديات، فإن إدخال برنامج ماجستير متخصص في السياسات الثقافية والإدارة الثقافية يمثل فرصةً استراتيجية لبناء القدرات البشرية اللازمة التي يحتاجها القطاع بشدة، ومن شأن مثل هذا البرنامج أن يوفر أساساً متيناً لتطوير الفاعلين والمديرين الثقافيين المجهزين لقيادة وإدارة المؤسسات الثقافية بكل تنوعها ومجالاتها، وصياغة سياسات فعالة، وتعزيز نمو الاقتصاد الإبداعي، ومن خلال التركيز على المعرفة النظرية والمهارات العملية، سيعالج هذا البرنامج الحاجة الملحة إلى قادة ثقافيين قادرين على التنقل عبر المشهد الثقافي الفريد للعراق والمساهمة في إحيائه.

    فضلا عن ذلك، سيعمل البرنامج كأداة حيوية لتعزيز جهود الدبلوماسية الثقافية العراقية، مما يسمح للبلاد بالانخراط بصورةٍ أقوى فعالية في الحوار الثقافي والتعاون الدولي، وبينما يسعى العراق إلى إعادة بناء هُويته وإعادة تعريفها في حقبة ما بعد الصراع، سيلعب هذا البرنامج دوراً حاسماً في تعزيز الاستدامة الثقافية وتعزيز فهم أعمق للعلاقة بين الثقافة والتنمية، كما سيُمكن العراق من وضع نفسه كقائد في السياسة الثقافية والإدارة في المنطقة العربية، حيث توجد تحديات مماثلة.

    بالإضافة إلى المساهمة في التجديد الثقافي للعراق، سيكون للبرنامج تأثير مجتمعي أوسع من خلال تمكين جيل جديد من المديرين الثقافيين القادرين على الدعوة إلى الحقوق الثقافية والحفاظ على التراث والممارسات الثقافية الشاملة، ومن خلال منهج متعدد التخصصات ومستنير عالمياً، سيكتسب الدارسون الكفاءات المطلوبة لدفع الابتكار في القطاع الثقافي مع الحفاظ على التراث الثقافي الغني والمتنوع للعراق، وتُعتبر هذه المبادرة ضرورية ليس فقط لمستقبل المؤسسات الثقافية العراقية، بل وأيضاً لتعزيز هُوية وطنية أكثر تماسكاً ومرونة في مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية المستمرة.

     

    لقراءة المزيد اضغط هنا