د. علي فارس حميد/ أستاذ الدراسات الدولية والاستراتيجية/ جامعة النهرين.
منذ أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وطبيعة التفاعلات التي تتصل بالمنطقة تتجه نحو مسارات غير واضحة؛ بسبب تعقيدات الأحداث من حيث الأطراف والقضايا، خاصةً وأن طبيعة التوجهات الكيان الصهيوني تذهب نحو الاستنزاف وإضعاف الأطراف الأخرى، لا سيما حزب الله، الذي يشكل مصدر تهديد مباشر بالنسبة للأمن داخل الكيان الصهيوني “إسرائيل”. مع إدراك لمكانة الحوثيين العسكرية في معادلة الحرب وفصائل المقاومة العراقية، فإن جميع هذه القوى ذات تأثير كبير على الصورة النمطية لأمن الكيان الصهيوني “إسرائيل” رغم تركيز هذه الصورة على حزب الله بوصفه الهاجس الأكبر منذ تموز/يوليو عام 2006.
إلى جانب ذلك، فإن مواقف الدول والقوى الإقليمية تشكل هي الآخرى، بعداً مؤثراً في التفاعلات القائمة، سواء ضمن النطاق الإقليمي لدائرة الحرب، أو في منطقة الخليج، فضلاً عن العراق الذي يُعد من الدول التي يكاد يكون تأثيرها مختلفاً وأكثر تعقيداً بحكم الغايات التي تجمع بين السياسة والقيم، إذ تسعى الحكومة العراقية إلى الاحتفاظ بمواقف مستقلة في السياسة الخارجية، وفقاً لما يفرضه الدستور والبيئة المحلية، فالموقف الذي تبنته الحكومة العراقية تجاه الحرب في غزة كان يمثل قمة الإيجابية والتأييد، وحظي بتأييد القوى الوطنية العراقية، إلا أنه لم يكن مقنعاً للمقاومة الإسلامية العراقية؛ بسبب تزايد وتداخل الأحداث، الأمر الذي شجع فصائل المقاومة على زيادة الضغط العسكري لغرض التأثير في قوات الاحتلال الصهيوني وإيقاف الدعم المقدم لها من قبل القوات الأمريكية. إلى جانب شعورها بتمادي القوات الأمريكية في العراق وعدم استجابتها للضغوط الحكومية الهادفة إلى إخراجها. وهذا ما يجعل العراق طرفاً في هذه الحرب، رغم محاولة الحكومة العراقية إضفاء التوازن المقترن بالدبلوماسية في سلوكها الخارجي.
ومن ثم، فإن طبيعة الحرب من حيث صلتها بدور العراق الإقليمي والمكانة التي تبحث عنها شكّلت تداخلاً في غاية التعقيد من الصعب إدراك تداخل تداعياته المعقدة في هذا المجال. فضلاً عن أنه من الصعب فصل تداعيات هذه الحرب عن الأمن القومي العراقي، خاصةً بعد أن أصبحت فصائل المقاومة العراقية طرفاً مباشراً في الحرب.