د. علي فارس حميد/ أستاذ الدراسات الدولية والاستراتيجية/ جامعة النهرين
منار شاكر محمود/ تدريسية / قسم الاستراتيجية/ جامعة النهرين
أسهمت جملة من الحوادث السياسية في إيجاد نهج جديد للتفكير السياسي، يفترض مغادرة المنهجية التقليدية التي كانت تتعامل عن طريقها القوى السياسية العراقية مع الوضع القائم، سواء في تمثيلها البرلماني أو المجال التنفيذي في الحكومة، إذ لم يتضمن الأداء السياسي تحديداً منجز يتم التعامل معه عبر الرقابة الشعبية، الأمر الذي يعد أحد المؤشرات السلبية بالنسبة لأداء القوى السياسية. غير أن التطورات التي شهدها العراق منذ عام 2023، قد أسهمت بشكل كبير في إعادة التفكير السياسي في المنهجية التي يجب أن تتعامل مع القوى السياسية مع هذا المشهد.
وعلى الرغم من عدم وضوح الرؤية السياسية التي يمكن أن يتم عن طريقها قياس الرضا الشعبي، والذي ينتج عنه بالمحصلة تعزيز المشاركة السياسية، إلا أن هنالك الكثير من المعايير التي يمكن التعامل معها على نحو يؤمن قياس الرضا الشعبي بالطريقة الجمعية تجاه العملية السياسية برمتها، والتي تتصل بواحدة من أهم إشكاليات بناء دولة المواطن القائمة على أساس الرضا والقبول الشعبي وإدراك المصالح بمنطق يتماشى مع الحداثة المشروطة ببناء الدولة الديمقراطية وليس التوافقية. فالتوافقية المشروطة بمصالح القوى السياسية أدت إلى إيجاد فجوة بين المواطن والقوى السياسية، تتزايد كلما تزايدت التوافقية في إدارة الدولة.
إن استراتيجية بناء الدولة لا ترتبط بمنطق فكري جامد قائم على أساس معايير واحدة، بل تمثل أنماطاً مركبة ومتداخلة قائمة على أساس فهم القوى السياسية لحاجة الشعب وبناء المواطن وفق مدخلات تتصل بعمق التاريخ والإرث الحضاري الذي لا يمكن تجاهله أو تغييب محتواه في بناء الدولة. ومن ثم، فإن مناقشة بناء الدولة وتنظيم أنشطتها يفترض أن يكون متصلاً بهذه الحاجات وفق أولويات يحددها المواطن بصيغة برامج تتبناها فيما بعد الأحزاب السياسية.
تحاول هذه الورقة السياساتية تسليط الضوء على اهم اشكاليات بناء الدولة في العراق، وذلك من خلال استقراء مؤشرات الارادة الشعبية وعملية التوافقية المكلبة للديمقراطية، من خلال مجموعة محاور منها ما يتعلق بالرضا الشعبي، ومنها ما يتعلق بالمشاركة السياسية، وكذلك دور تشتت الرؤية الشعبية في بناء الدولة.
لقراءة المزيد اضغط هنا