back to top
المزيد

    واحة البيان

    المناظرات السياسية الدور والتأثير: المناظرة بين ترامب وهاريس انموذجاً

    ايات مظفر نوري / اكاديمية وسياسية

    تُعدّ المناظرات السياسية في الانتخابات واحدة من أهم الوسائل التي يمكن من خلالها للمرشحين تقديم أنفسهم وبرامجهم الانتخابية أمام الناخبين تعد هذه المناظرات جزءاً أساسياً من العملية الديمقراطية، حيث تتيح للمرشحين فرصة عرض رؤاهم ومواقفهم تجاه القضايا المختلفة، وتوفر للجمهور مساحة لتقييم قدراتهم القيادية والتواصلية والتعرف على شخصية المرشح بشكل مباشر.

    تلعب المناظرات السياسية دوراً حيوياً في بناء مقارنة بين المرشحين فمن خلال المناقشة المفتوحة والمتبادلة، يتمكن الناخبون من التعرف على مدى فهم المرشحين للمشكلات الوطنية والمحلية، وكذلك قدرتهم على تقديم حلول عملية كما أنها تتيح لهم الفرصة لتقديم مواقفهم حول القضايا الكبرى مثل الامن، الاقتصاد، التعليم، الصحة، والسياسة الخارجية.

    فضلاً عن، ان المناظرات تتيح الفرصة للمرشحين للتفاعل مع بعضهم البعض بشكل مباشر، مما يمكّن الناخبين من رؤية كيف يتصرفون تحت الضغط وكيف يردون على التحديات والأسئلة الصعبة.

    تشير الدراسات إلى أن المناظرات السياسية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مواقف الجمهور، لاسيما في الانتخابات خصوصاً أولئك الذين لم يتخذوا قراراً نهائياً بعد فالطريقة التي يقدم بها المرشحون أنفسهم، إلى جانب قوة الحجج التي يستخدمونها، قد تؤدي إلى تغيير مواقف الجمهور أو تثبيتها.

    تساهم المناظرات في تشكيل الرأي العام وتحفيز المشاركة السياسية، حيث أنها تثير النقاش بين المواطنين حول القضايا المطروحة وتوجهاتهم الانتخابية.

    الا ان هنالك بعض التحديات التي تواجه المناظرات ومن أبرز هذه التحديات هو تحيز وسائل الإعلام التي قد تؤثر على جودة النقاشات أو توجهها لخدمة أجندات معينة، فضلاً عن ذلك، قد يركز بعض المرشحين على الهجوم الشخصي بدلاً من مناقشة القضايا الجوهرية، مما يقلل من الفائدة المرجوة من المناظرة.

    وكذلك، قد يعتمد بعض المرشحين على استراتيجيات خطابية تهدف إلى كسب الجمهور دون تقديم حلول حقيقية للقضايا هذه التكتيكات قد تكون فعالة من حيث التأثير اللحظي، لكنها قد تترك الناخبين في حيرة بشأن السياسات الحقيقية للمرشح.

    تشير المناظرة التلفزيونية بين دونالد ترامب وكاملا هاريس التي جرت في فيلادلفيا كبرى مدن ولاية بنسلفانيا – اهم الولايات المتأرجحة – بإدارة شبكة اي بي سي.

    المراقب والمهتم بالمناظرات يرى ان هاريس كانت مستعدة بشكل جيد لهذهِ المناظرة ودرست سيكولوجية ترامب بدقة، وتلخصت خطة هاريس في مهاجمة ترامب ونسف ادعاءاته على الرغم من شراسة ترامب، وتعاملت بسخرية مع تجمعاته الانتخابية ومن موقفه من عدة ملفات ابرزها الحرب في أوكرانيا والبطالة في عهده في مرحلة ازمة كورونا وموت مليون امريكي وملفات أخرى، ومن الملفت للنظر ان كلا المذيعين اللذان ادارا المناظرة صححا ادعاءات ترامب عدة مرات ومنها اصراره على نقطة انه لم يخسر الانتخابات في عام 2020 وقوله ان المهاجرين غير الشرعيين (يأكلون) القطط والكلاب! ورصدت ادعاء الحزب الجمهوري بان إدارة المناظرة لم تكن منصفة، وبذلك نجحت هاريس من نقل الكرة في ملعب ترامب وغيرت اتجاه الرأي العام الذي ركز على أداء بايدن ونقل ترامب من مرحلة الهجوم الى الدفاع، واعتقد ان هاريس ستسمر في ربح جولات أخرى في المناظرات وتكسب ود واصوات جمهور جديد وتمتاز بكونها اول امرأة قد تصل الى رئاسة الولايات المتحدة بعد محاولة (هيلاري كلينتون) التي باءت بالفشل الا ان المنافسة ما زالت شديدة وامامنا ما يقارب الشهرين على الانتخابات والمتغيرات كثيرة، المنطق والتحليل الواقعي يشير الى فوز هاريس، الا ان لدي شعور وتنبؤ وحدس بفوز (ترامب).

    وعلى المستوى الإقليمي، عرفت المناظرات عبر التاريخ عند العرب كأسلوب وفن اصيل منذ مرحلة ما قبل الإسلام، والدليل على ذلك مناظرة النعمان بمواجهة كسرى، ويمكننا وصف اباء ابليس من السجود وتبرير ذلك للخالق وتوجيه الأسئلة الى ادم عليه السلام بوصف (المناظرة) فضلاً عن تناول ابن رشد المناظرة كعلم وصفه بعلم الخلاف والجدل، واستمرت المناظرات على جميع الأصعدة السياسية والأدبية على مر التاريخ ففي مرحلة الإسلام ناظر الرسول (ص) وفد نجران وكذلك مناظرة جعفر بن ابي طالب امام النجاشي، ومناظرة السيدة زينب (ع) وخطبتها المشهورة وكيف احرجت يزيد بن معاوية امام الملأ.

    ونستطيع القول، ان العرب بشكل عام والعراقيين تحديداً ليسوا بعيدين عن أجواء المناظرات التي ربما يقيموها بشكل يومي كفعاليات اجتماعية عشائرية وفي محافل أخرى، وبذلك ان استناخ تجربة المناظرات السياسية وتطبيقها في التجربة العراقية سيحقق عدة اهداف ابرزها رفع مستوى الوعي والادراك للجمهور الى مرحلة اكثر احترافية في تحديد ميوله السياسية للتصويت لصالح كتلة سياسية او مرشح لمجلس النواب العراقي، لو رسمنا في مخيلتنا مناظرة سياسية بين الزعماء (رؤساء الكتل السياسية) لطرح أفكار ورؤى عن واقع البلد والحلول المقترحة (الممكن تنفيذها) سيؤدي الى كسب جمهور مقاطع للعملية السياسية بدافع الدعم لاحد المناظرين او الرفض له وعدم الاقتناع ومعاقبته بالتصويت لطرف اخر، وينسحب الامر الى مرشحي مجلس النواب اذ ان فوز عضو مجلس النواب اقنع الجمهور بشخصيته وافكاره يعزز من الأداء التشريعي والرقابي بمهنية عالية ويرفع من أداء مجلس النواب  العراقي.

    اقرأ ايضاً