تُعد الواقعية الاقتصادية (Economic Realism) في النطاق العام على أنها نهج للنظرية الاقتصادية والسياسة الاقتصادية قائماً على الأدلة التي تعكسها الظواهر الاقتصادية، وتستند في الوقت نفسه على تعقيدات وحقائق العالم الحقيقي.
وعلى عكس بعض النماذج النظرية التي تعتمد على افتراضات مبسطة – مثل العقلانية الكاملة أو الأسواق التنافسية تماماً، تسعى الواقعية الاقتصادية إلى تفسير الطبيعة غير الكاملة وغير المتوقعة والفوضوية غالباً للسلوك الاقتصادي الفعلي بشكل عام. أما في المجال النقدي للاقتصاد، تُعد الواقعية النقدية (monetary realism) ولاسيما في السياسة النقدية، نهجاً عملياً قائم على الأدلة التي تعترف بالتعقيدات والتحديات الواقعية وتحديداً في إدارة عرض النقد وأسعار الفائدة ومواجهة التضخم.
والواقعية هنا هي مفهوم (concept) وليست مدرسة فكرية رسمية، إذ كتب العديد من المؤلفين والاقتصاديين المؤثرين على نطاق واسع مواضيع تتوافق مع مبادئ الواقعية في السياسة النقدية، وساهموا في أدبياتهم بشكل أو بآخر من منظور واقعي، وتحديهم للافتراضات النقدية التقليدية، فضلاً عن تقديم رؤى تستند إلى التعقيدات الناشئة في الاقتصاد الحقيقي.
بل أن نشاطاتهم البحثية أمست ضرورية لفهم كيفية تصميم السياسة النقدية وتنفيذها بشكل فاعل وبطريقة تعترف بالظروف الاقتصادية الفعلية وتستجيب لها.
تحاول هذه الورقة التعرف على نظرية الواقعية النقدية، واهم الافكار والرؤى المرطوحة في هذا الصدد، فضلاً عن مناقشة الواقع العراقي الاقتصادي وفقاً لهذه النظرية والاستخلاص الى مجموعة من التوصيات والرؤى التي تخص وتعالج السياسات الاقتصادية والنقدية العراقية.