سيف ضياء دعير/ طالب في برنامج دكتوراه السياسات العامة جامعة النهرين.
د.عماد صلاح الشيخ داود/ عضو هيأة تدريس كلية العلوم السياسية – جامعة النهرين / بدرجة استاذ دكتور.
تُعد ظاهرة هجرة العمالة الوافدة إلى دول الخليج فريدة من نوعها وملفتة للنظر، إذ نلاحظ ازدياداً ملحوظاً في أعداد المهاجرين الوافدين من مختلف أنحاء العالم إلى دول الخليج خلال العقود القليلة الماضية وبأعداد هائلة تفوق عدد المواطنين الأصليين بما يقارب نصف إجمالي عدد السكان بواقع (49.8%) تقريباً، لتشكل شريحة جوهرية من التركيبة السكانية والقوى العاملة أيضاً، إذ بلغ إجمالي عدد العاملين في دول الخليج حتى عام 2020 مايربو على 28.7 مليون نسمة، أي بمعدل نمو سنوي متوسطاً قدره 1.9% للفترة ما بين عامي 2016 و 2020، لتشكل ما نسبته 0.9% من إجمالي القوى العاملة في العالم، محتلة بذلك المرتبة 18 عالمياً .
ووفقاَ لتقارير الأمم المتحدة تسجل دولة الإمارات العربية أعلى نسبة استقطاب للعمالة الوافدة تتجاوز 87% من إجمالي عدد السكان؛ كما تحتل دولة قطر المرتبة الثانية بنسبة مشاركة 76.2%، و60% من السكان في الكويت بينما تسجل كل من البحرين و المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أدنى نسبة بواقع 54.11 % 41.9% و 41.1% على التوالي؛ كما وتتنوع جنسيات هؤلاء الوافدين، إذ تأتي النسبة الأكبر من الدول الآسيوية، مثل: (الهند، باكستان، بنغلاديش، الفلبين و سريلانكا)، إلى جانب وجود عمالة وافدة من الدول العربية والأفريقية والأوروبية، كما يُقدر حجم تحويلات العمالة الوافدة من دول الخليج بحوالي 120 مليار دولار سنوياً منها 48 مليار دولار من المملكة العربية السعودية وحدها، التي تشكل مصدراً هاماً للدخل ودعامة أساسية للاقتصادات المحلية في العديد من الدول خاصة في القارتين الآسيوية والإفريقية، وهو رقم ضخم يبرز حجم التأثير الاقتصادي لهذه الظاهر على طرفي المعادلة، فبالرغم من الفوائد العديدة للتحويلات المالية للدول المستفيدة، إلا أنها تشكل تحدياً لدول الخليج، لارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين بنسب تتراوح مابين 28.7% في السعودية ذات النسبة الأعلى و 0.4 % في قطر ذات النسبة الأقل، لذلك يُمثل توافد ملايين العمال من مختلف أنحاء العالم إلى دول الخليج مزيجاً من عوامل اجتماعية، اقتصادية وثقافية معقدة تلقي بظلالها على مختلف جوانب الحياة، وذات تأثيرات متعددة الأوجه على النظم السياسية في دول الخليج، وتأتي هذه الظاهرة في خضم اتخاذ العديد من الدول، خاصة الغربية، إجراءات صارمة للحد من تدفق مايعرف بالـ المهاجرين الاقتصاديين، الساعين لتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير فرص أفضل لعائلاتهم (كما حدث في الكويت خلال العام 2023 حين تسابقت الجهات الحكومية في إعلان تسريح العمالة الوافدة)، لتبقى تداعيات هذه الظاهرة موضع نقاش وجدل واسعين … مما يثير تساؤلات عديدة ومتنوعة؛ تحاول من هذه الورقة البحثية الإجابة عليها بإلقاء وتسليط الضوء على الموضوع الذي يتحاج للمزيد من الدراسات المعمقة للاحاطة بالجوانب الإيجابية والسلبية وتأثيراتها المختلفة ومنعكساتها على تنمية تلك المجتمعات وأمنها المستدام.