المهندس الاستشاري فارس الجواري / استشاري مختص بشؤون الطيران

نجاح عمل أي شركة طيران يعتمد على الموارد البشرية التي تشكل الإدارات فيها سواء الادارات العليا منها او تلك التي تتعامل مع تفصيلات الادارة التشغيلية بكل مفاصلها بعيدا عن حجم الاموال المرصودة لهكذا اعمال فهناك العديد من هذه الشركات التي بدأت بميزانيات تاسيسية عالية تضمنت أصول متنوعة فشلت في تحقيق أهدافها الربحية التي نصت عليه دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع وبدأت في التراجع وتراكمت عليها الديون ولا تستطبع أن تغطي تكاليف التشغيل واضطرت الى عرض بعض أو أغلب أصولها لكي تستمر بالعمل وايضا فشلت هذا يجعلها امام خيارين الاول الاغلاق والثاني الاندماج مع شركة طيران ناجحة مما سيجعلها عرضة  للاستحواذ عليها والسبب وراء ذلك أناطة مسؤؤلية العمل فيها الى إدارة غير كفؤة لاتدعم ولاتهتم بالموارد البشرية التي تعمل لديها التي هي من ابجديات القيادة الناجحة لاي ادارة تخصصية تضع في اوليات عملها تطبيق مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن المحسوبيات التي تفرض اشخاص ليست  لديهم المهارات والمواصفات الناجحة والفعالة في أدارة هكذا اعمال , وهناك العديد من التجارب التي فشلت سابقا وايضا من حاليا في فشل مستمر ستؤدي بها في النهاية الى هذا المصير المحتوم أن لم يتم تغيير هذا الادارات العليا فيها لقيادتها الى النجاح ولعل تجربة شركة الطيران الاثيوبية خير مثال على تحويل شركة خسرانة الى شركة ناجحة محليا وعالميا حسب بيانات المنظمات الدولية ذات العلاقة وغيرها .

تعتبر مشكلة ضعف التواصل والإشراف المهني من قبل الادارات العليا مع الإدارات التنفيذية سبب من اسباب الإحباط والقصور في الأداء مما سوف يؤدي بالنتيجة الى هبوط مستواها بين الشركات المنافسة ولتلافي هكذا اخطاء سابين لكم بعجالة عن الخطوات الصحيحة لتأسيس شركة طيران (نقل جوي) وفق معايير ولوائح تنظيمية وتقنية تمكنها من الاستمرارية بهكذا تجربة عمل في الطيران للتنافس مع الشركات الاخرى العاملة من خلال تطبيق اساسيات البدء بهكذا مشروع حيوي يضمن الحصول على الارباح المخطط لها في دراسة الجدوى .

تبدأ الدراسة بوضع خطة العمل التي تتضمن جميع تفاصيل دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع سواء نوع الطائرات المستخدمة أوالكادر العامل عليها بالاضافة الى نوع ومكان الصيانة لها يضاف الى ذلك تحديد الوجهات المراد تسيير الرحلات الجوية لها كل هذه الايضاحات تتم من خلال الإجابة على الأسئلة التالية ماهو , واين , وكيف , ولماذا هي أربعة اسئلة الجواب عليها بمجملها تكون دراسة فنية متكاملة فالجواب عن السؤال الاول ماهو يعني ماهو اتجاه الشركة العام في تقديم الخدمة هل هي شركة اقتصادية ام شركة نقل جوي تقدم كامل الخدمات أم هي شركة جارتر اي مؤجرة وهل الشركة المزمع اننشائها ستقدم خدمة الرحلات الدولية أم رحلات داخلية ضمن الدولة أم ستكون شركة خاصة لنقل الشخصيات ام  هي شركة شحن جوي ام ستكون شركة تقديم خدمات مجتمعية كالإسعاف الجوي أو إطفاء الحرائق فلكل نشاط  من هذه الانشطة هناك متطلبات خاصة لانشائها حسب القانون من حيث هيكليتها وتنظيم أدلة العمل لها وكذلك نوعية الطائرات المستخدمة فيها  وكادر التشغيل لها , اما بخصوص الاجابة على السؤال الثاني أين ستكون وجهات اسطول الشركة من الطائرات وهو مايعرف ببشبكات ومسارات الرحلات بمعنى الطائرة تطير من مطار وتهبط بمطار اخر وهو مايعرف من نقطة إلى نقطة دون توقف أي جلب مسافرين لمطار رئيسي في دولة الشركة وارسالهم إلى مطارات دول أخرى وهو مامتداول بشكل خاطيء عند العامة بمصطلح الترانزيت علما ان المصطلح الذي أقرته المنظمات الدولية ذات العلاقة هو ترانسفير ؤليس ترانزيت المهم ان السؤال أين الاجابة عليه سيحدد مسار عمل الشركة بانها  شركة اقتصادية ام غير اقتصادية كي يتم من خلال هذا التحديد وضع متطلبات الحصول على التراخيص المطلوبة ضمن دراسة الجدوى , أما جواب السؤال الثالث كيف والمقصود هنا بكيف تكون سياسة التشغيل لطائرات الشركة المقترحة وتبدأ بالاختيار المناسب لشراء أو إيجار الطائرات حسب الوجهات التي ستنفذها الشركة وايضا من خلال الاختيار الامثل لنوع الطائرات التي ستشكل اسطول الشركة هل هي من الطائرات ذوات البدن الضيق ام البدن العريض لان يجب أختيار طائرات البدن الضيق للرحلات القريبة والداخلية وتلك التي من ذوات البدن العريض لرحلات الطويلة مثل رحلات عبور الأطلسي يتم من خلال هذا الاختيار وضع حسابات صرفيات الوقود ونوع الطاقم وغيرها من الامور اللوجستية والادارية المطلوبة وايضا ستحدد الاجابة على هذا السؤال عن طريقة الحصول على الطائرة هل بالشراء ام الاستئجار لهذه الطائرات ويفضل الاستئجار في البداية كل هذه المعلومات ستضاف الى خطة العمل التي ستكتب في دراسة الجدوى مع معلومات التي سنحصل عليها من الاجابة على السؤال الاخير في خطة العمل وهو لماذا قررنا تأسيس شركة طيران وفي هذه الجزئية يجب أن تكون هناك رؤية واضحة للمستثمر بأن هكذا نوع من الاستثمارات هي طويلة الأمد اي تحتاج إلى سنوات للوصول إلى النجاح وهذا يتطلب رصد اموال كافية تغطي الميزانيات التأسيسية والتشغيلية كون مصداقية هذه المعلومات ستعمل على أنشاء دراسة جدوى اقتصادية تحاكي واقع الامكانيات المطروحة من قبل المستثمر في كيفية صرف واسترداد تلك الاموال مع الارباح مع بيان نوع وحجم التمويل  المطلوب لتغطية هذه الميزانيات المقترحة للتاسيس وايضا للتشغيل خلال السنوات الثلاث الأولى على الاقل والاهم هو توضيح مصادر التمويل الخاص في تاسيس الشركة واستمراريتها حيث تبرز هناك طريقتين اساسيتان  الأولى تبدأ بالتأسيس ومن ثم عرض الشركة لسوق الأوراق المالية لبيع اسهم منها بغية الحصول على السيولة المالية المطلوبة في التاسيس والتشغيل , اما الطريقة الثانية تتم من خلال القروض المصرفية أو الاستعانة بمستثمرين اخرين علما ان الطريقتين تحتاج إلى قوة اقناع من خلال دراسة جدوى اقتصادية للمشروع تكون متكاملة ومتوافقة مع خطة العمل التي نوهنا عنها سابقا ولتوضيح الصورة اكثر للقاريء في فقرة من فقرات دراسة الجدوى الاقتصادية يتم فيها وضع تصور تخميني مناسب في موضوع الحصول على المسافرين خلال اول ثلاث سنوات بأن تكون 20 – 30 ٪ وليس 80 ٪ , كما يجب الانتباه في دراسة الجدوى الاقتصادية الى موضوع رصد الاموال الكافية للميزانية التشغيلية كونها تعتبر من أهم خطوات نجاح عمل الشركة باعتبارها ستغطي تكاليف اساسية مثل مصاريف الوقود والصيانة وأجور العاملين بشكل أساسي وايضا مصاريف التسويق وأصدار التراخيص ودفع تكاليف خدمات المطارات وخدمات بنايات الشركة وتأثيثها وكما قلنا المبلغ المرصود لهكذا شركات يجب أن تكون كافية وتغطي اجراءات التشغيل لأوول سنتين بعد اكمال التاسيس لضمان عدم الاغلاق المبكر.

أما بخصوص النقطة الثالثة التي تضمن نجاح تطبيق دراسة الجدوى هي التخطيط للشراء ومعناه التطبيق الفعلي لخطة العمل التي تم وضعها في النقطة الاولى  والمدعومة ماليا في النقطة الثانية التي نوهنا عنها بمعنى البدء بعملية شراء كل احتياجات الشركة من ملابس الطاقم ولحد الطائرة وايضا التأجير لمقرات الشركة وتأثيثها وشراء معدات نقل الموظفين وفتح أو التعاقد مع مركز صيانة للطائرات وايضا تأسيس أو التعاقد مع مركز تدريب معتمد للطواقم يضاف ايضا الى تأسيس الموقع الإلكتروني للشركة الخاص بالحجوزات والقيام بحملة دعائية للشركة وصولا الى البدء باجراءات اخذ الموافقات الأصولية من جهة الترخيص وفق متطلباتهم مع الاتفاق على شراء حقوق اوقات هبوط طائرات الشركة في المطارات المتجه لها , وفيما يخص توفير كوادر العمل للشركة تعتبر من أهم نقاط القوة التي تضمن نجاح عملها من خلال مجموعة متكاملة من ذوي الاختصاص والخبرة لاشغال مواقع العمل الرئيسية من طيارين ومضيفين ومهندسي صيانة ومراقبي السلامة والجودة وموظفي التسويق والتجارية والقانونية والمالية والاعلام يقودهم فريق إداري متمرس وهم بالدرجة الاساسية  المدير التنفيذي والمدير المالي والمدير التجاري ومدير العمليات ومدير الصيانة ومدير الأمن والسلامة والجودة ومدير البحث والتطوير كونهم عمود مهم من اعمدة الاساس للشركة , يعتبر أصدار التراخيص والاتفاقيات من اهم خطوات الواجب اتخاذها للبدء بالعمل كشركة نقل جوي وتتضمن شهادة التشغيل الجوي AOC  والتي تصدر من سلطة الطيران المدني للدولة التي يتم تسجيل الشركة فيها ويمكن استخراجها بشكل مباشر أو يتم شراءها أو استئجارها من شركة طيران عاملة علزمة على ترك هذا العمل أو تطلب مشاركته مع اخرين كما حصل بين شركتي فلاي أربيل واور في العراق علما أن القانون لايمنع من تسجيل طائرات الشركة الجديدة في سلطة الطيران دولة التي تم تأسيس الشركة فيها بل يمكن تسجيلها ضمن سلطة طيران دولة اخرى وفي هذا السياق نلاحظ وجود دول مشهورة بهذا الموضوع مثل دولة مالطا حيث أغلب طائرات الشركات الخاصة مسجلة هناك والسبب يكمن في عدم احتساب ضرائب عليها بذلك ستكون هناك اقتصاد في صرفيات تاسيس الشركة مع بقاء متطلبات السلامة فيها ضمن المحدودية الدولية , أما المتطلبات الواجب توفيرها في استحصال الموافقات لعمل الشركة وفق المتطلبات القانونية فتشمل عقد اتفاقيات طيران مع الدول التي ستهبط طائرات الشركة في مطاراتها تخص عدد الرحلات الأسبوعية ونسبة امتلاء المقاعد وموضوع يخص اعمال الشحن الجوي وايضا حريات الطيران كما يجب الاهتمام بعقد اتفاقيات تخص صيانة  طائرات الشركة مع شركات رصينة عالميا ومعتمدة من قبل سلطة الطيران أو انشاء مركز  صيانة خاص بالشركة وهناك اتفاقيات تخص تقديم الخدمات الأرضيه لطائرات ومسافري الشركة في المطار الرئيسي لها وايضا المطارات التي تهبط بها في وجهاتها , كما ان هناك نقطة مهمة للبدء بنشاط الشركة بشكل واقعي يلامس تطبيق ماطرحناه سابقا على ارض الواقع وهو التسويق لخدمات الشركة والاتفاق مع وكلاء للشركة خارجين وداخليين بالإضافة إلى انشاء علاقات عمل جيدة مع شركات سياحية أو شركات حج وعمرة كون أن التسويق يعتبرعامل نجاح أو فشل للشركة وبالامكان ايضا وضع خطة تسويقية مبرمجة شعارها  التميز في طرح اسعار تذاكر اقل وهكذا نصل الى مرحلة التحضير للافتتاح الرسمي للشركة من خلال الاحتفال وإلاعلانات وغيرها.

تمنياتي بان تكون هذه المقالة دعوة لكل المستثمرين العراقيين للتفكير جديا بالدخول الى هذا المجال من الاستثمارات المربحة لهم بمساعدة جهات محلية متخصصة بتقديم الخدمات الاستشارية التقنية وأعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية في مجال إدارة السلامة والجودة والصيانة والتدريب والاستشارات القانونية في النقل الجوي والمطارات وشركات الخدمات الأرضية للطائرات ومنها شركتي الخاصة التي تضم خبراء متخصصين من جنسيات مختلفة لهم الشهادات والخبرات والرخص التي تؤهلهم لهكذا نوع من الاعمال.