حيدر جليل خلف/باحث
تُعد الثقافة المالية ضرورية لتعزيز التمكين الفردي، والاستقرار الاقتصادي والتقدّم الاجتماعي، وتلعب دوراً حاسماً في تشكيل الرفاهية الاقتصادية والحراك الاجتماعي والرخاء الشامل، وتُمكن محو الأمية المالية الشباب العراقي من الاستعداد بشكل أفضل لاغتنام الفرص الاقتصادية ومواجهة التحديات المالية، والمساهمة بنشاط في ازدهار البلاد على المدى الطويل.
تواجه البلاد تحدياتٍ هائلة ناجمة عن محدودية الوصول إلى التعليم والتقلبات الاقتصادية، ما يجعل من تعزيز الثقافة المالية ضرورةً ملحةً لتمكين الأفراد، وتحقيق المرونة الاقتصادية والرخاء الشامل، وتُولي هذه الورقة اهتماماً خاصاً بالشباب العراقي؛ نظراً لأهميتهم الديموغرافية وتأثرهم بالعقبات المالية.
تهدف هذه الورقة إلى تحديد استراتيجيات مُستمدة من أفضل الممارسات الدولية والرؤى المحلية لتعزيز الثقافة المالية بين الشباب العراقي، وتسعى إلى تزويد الشباب بالكفاءات اللازمة للتنقل في البيئات المالية المعقدة، وتعزيز ثقافة اتخاذ القرارات المالية الحكيمة، وبالتالي المساهمة في التقدّم والاستقرار المجتمعي المستدام.
إن تعزيز الثقافة المالية للشباب في العراق يهدف إلى تمكينهم من اتخاذ قرارات مالية مستنيرة وإدارة شؤونهم المالية بفعالية لتحقيق أهدافهم، مما يسهم في تحقيق الاستقرار المالي على المستويين الفردي والمجتمعي، وتسهم الثقافة المالية في تكوين الثروة والنمو الاقتصادي عبر تشجيع ريادة الأعمال والاستثمار والابتكار، وتُعزز العدالة الاجتماعية من خلال تقليل الفوارق في الثروة والفرص داخل المجتمع، كما تعمل على حماية المستهلك وتعزيز الشمول المالي، وتدفع الأفراد والمجتمعات لتبنّي منظور طويل المدى بشأن التخطيط المالي، مما يزيد من المرونة الاقتصادية في مواجهة العقبات والأزمات، ومع ذلك، يواجه الشباب تحدياتٍ مثل محدودية الوصول إلى التعليم الجيد والخدمات المالية الرسمية، وعدم الاستقرار الاقتصادي، ونقص الوعي بالمفاهيم المالية، والأعراف الثقافية التي تعوق النقاشات حول المال، وارتفاع مستويات الفقر.
لتحقيق الأهداف المقترحة، يجب زيادة الوعي والإدراك للمفاهيم المالية، وتوفير التعليم والموارد المالية للشباب، وتمكينهم من اتخاذ قرارات مالية مستنيرة، وتعزيز ثقافة المسؤولية المالية وريادة الأعمال. تشمل التوصيات دمج التعليم المالي في المناهج الدراسية، وتوسيع نطاق الوصول إلى موارد التعليم المالي، وتعزيز الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المصرفية، وتمكين الشباب عبر ريادة الأعمال وتنمية المهارات، وإشراك أولياء الأمور والمعلمين وقادة المجتمع في عمليات محو الأمية المالية لدى الشباب، وتتطلب خطة التنفيذ تحديد الجداول الزمنية، وتخصيص الموارد، واعتماد استراتيجيات لرصد التقدم وتعديل السياسات حسب الحاجة، مع التعاون بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والدولية والقطاع الخاص لتمكين الشباب العراقي مالياً.