هالي بوبسين: باحثة ومحللة ومستشارة للمنظمات الدولية، ولها أكثر من 10 سنوات من الخبرة الميدانية في الشرق الأوسط. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس/الماجستير في التاريخ من جامعة براون.

أسفرت انتخابات مجالس المحافظات في العراق في كانون الأول/ديسمبر 2023، وهي أول انتخابات محلية منذ 2013، عن مكاسب كبيرة للأحزاب القائمة، ولم تحقق سوى انتصارات طفيفة لقوائم المعارضة. فازت الأحزاب السياسية التي تبنت شعار التغيير والسياسيين العراقيين المستقلين بعدد قليل من المقاعد المتفرقة في جميع أنحاء البلاد.

لقد أطلقت على هذه المجموعات الإصلاحية اسم “ساسة التغيير” لأن هدفهم الأساسي هو تعطيل الوضع الراهن من خلال النظام السياسي الحالي. استغل ساسة التغيير موجة الغضب المناهض للعملية السياسية التي أعقبت احتجاجات تشرين 2019 لتحقيق نجاح متواضع، ولكن مفاجئ في انتخابات البرلمان لعام 2021. تراجع نجاحهم في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك قانون انتخابي جديد لعام 2023 يميل لصالح الأحزاب القائمة الأكبر، المقاطعات، وقضايا أخرى مستكشفة في هذا التقرير. في أعقاب انتكاسة 2023، يعيد ساسة التغيير تقييم استراتيجياتهم استعداداً لانتخابات البرلمان لعام 2025.

لقد أُعيق تقدم ساسة التغيير بسبب الانقسامات والصراعات الداخلية، وكذلك الخلافات القيادية واتهامات الفساد وسوء الإدارة من بين قضايا أخرى تقوض مصداقيتهم. يجادل بعض المحللين بأن هذه المشاكل، إلى جانب النتائج الضعيفة في انتخابات مجالس المحافظات، تنذر بنهاية ساسة التغيير. لكن الواقع أكثر تعقيداً. فلا يزال ساسة التغيير، رغم أنهم لا يزالون على الهامش في المشهد السياسي العراقي العام، في وضع ضعيف، ولكن لم يتم القضاء عليهم. نجاحهم أو فشلهم على المدى الطويل لم يتحدد بعد، ولا يمكن استبعاده بناءً على نتائج انتخابات واحدة فقط.

يستند هذا التقرير إلى العمل الميداني في العراق بين آب/أغسطس 2022 ونيسان/أبريل 2024 ويجادل بأن انتخابات كانون الأول/ديسمبر تقدم أربع رؤى رئيسية حول مسارات ساسة التغيير، وكذلك حول السياسة الديمقراطية الناشئة في العراق. أولاً، إن أوجه القصور في أحزاب التغيير، مثل القيادة النمطية ونقص الأيديولوجيات السياسية المتطورة، ليست فريدة؛ بل هي جوهرية لحالة جميع الأحزاب السياسية العراقية تقريباً بعد عام 2003. لذلك فإن هذه العيوب لا تحدد مصير ساسة التغيير مسبقاً – فالتطورات في أحزابهم مرتبطة بتطور النظام السياسي العراقي بشكل أوسع. ثانياً، يستمر ساسة التغيير في التطور والنمو، كما يتضح من تشكيل تحالف قوى التغيير الديمقراطية وتحالف قيم المدني. ثالثاً، إذا أراد ساسة التغيير الفوز بمزيد من الأصوات، فسيتعين عليهم إعادة فحص قاعدة دعم الناخبين الخاصة بهم وإعادة تنظيم آلياتهم الانتخابية من بين خطوات أخرى. الرؤية الرابعة والأخيرة هي أن النخبة السياسية السائدة تظل عقبة رئيسية أمام ساسة التغيير والإصلاح في العراق بشكل عام، وهي متغير رئيسي في تحديد مسار ساسة التغيير في المستقبل.

تستغرق الحركات سنوات، إن لم يكن عقود، للبناء، وعملية التحول نحو الديمقراطية المستدامة ليست خطية. إعلان نهاية ساسة التغيير الآن سيكون قصير النظر. هذا صحيح بشكل أكبر في العراق، الذي لم يصبح بعد دولة ديمقراطية موحدة.

تستند التحليلات في هذا التقرير إلى عشرات المقابلات في العراق مع ساسة التغيير، أعضاء الأحزاب الشيعية السائدة، مؤيدي الأحزاب، خبراء الانتخابات، أعضاء البرلمان، مرشحي مجالس المحافظات والفائزين، النشطاء، الصحفيين وغيرهم من جميع أنحاء الطيف السياسي. أجريت معظم المقابلات باللغة العربية في بغداد، مع بعض المقابلات في أربيل والسليمانية والبصرة وأخرى عبر الهاتف. تحدث العديد من الأفراد بشرط عدم الكشف عن هويتهم؛ بسبب حساسية بعض القضايا، وتم تحديدهم وفقاً لدورهم أو خبرتهم أو انتمائهم.

لقراءة المزيد اضغط هنا