أحمد فؤاد حسن العبودي/ ماجستير علوم سياسية – باحث أقدم في مجلس النواب العراقي.
بعد مضي أكثر من أربع سنوات على قرار مجلس النواب العراقي في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بتعليق عمل مجالس المحافظات العراقية على إثر تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإجراء إصلاحات حكومية وإنهاء عمل المجالس المحلية في المحافظات، وعلى الرغم من أن إنهاء عمل المجالس المحلية بحاجة لتعديلات دستورية – صعبة التنفيذ لأسباب كثيرة – إلا إن قرار مجلس النواب صدر وباتفاق اغلب المكونات السياسية بتجميد عمل المجالس المحلية، ولكن الاستمرار بتعليق عمل المجالس المحلية يمثل مخالفة صريحة لما نص عليه الدستور الدائم لسنة 2005، واضراراً بالنظام اللامركزي، فضلاً عن تفرد المحافظين بإدارة المحافظات دون وجود سلطة تراقب عملهم.
وبعد أن تشكلت حكومة السيد السوداني، جاء قرارها بضرورة إجراء انتخابات محلية في المحافظات لما يمثله توقفها من مخالفة دستورية، فضلاً عن اعتقاد حكومة السوداني بضرورة تغيير بعض المحافظين ليتمكن من إطلاق المشاريع الخدمية ومتابعة إنجازها مع محافظين جدد، وكذلك يؤمن بوجود مجالس محلية تراقب ادائهم بشكل يسير، فيما يبقي تركيز الحكومة المركزية منصباً على الملفات الرئيسة، وبالفعل أجري تعديل قانون الانتخابات الذي دعمته وصوتت له القوى السياسية المشكلة للحكومة والمنضوية في تحالف جامع للمكونات (تحالف إدارة الدولة)، وبعد أن صدر التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018، صار لزاماً على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الشروع بتهيئة كوادرها للتحضير لإجراء انتخابات مجالس المحافظات وإصدار جدول عملياتها الخاص بالانتخابات.
وبشكل متصل، فإن حكومة السيد السوداني وفرت جميع المستلزمات المادية والقانونية والإجرائية لتسهيل مهام المفوضية في الإسراع بإجراء الانتخابات المحلية. وأصدرت الحكومة مجموعة قرارات داعمة للمفوضية لغرض إنجاز مهامها، وبالفعل مضت المفوضية في تحديد يوم 18/12 2023 موعداً ليوم الاقتراع العام، ويسبقه التصويت الخاص بيومين، حيث أُجريت انتخابات مجالس المحافظات في (15) محافظة عراقية، عدا محافظات إقليم كردستان العراق، بما في ذلك محافظة كركوك التي تجري فيها أول انتخابات محلية.
وعلى إثر ذلك، تقدمت التحالفات والأحزاب بطلبات المشاركة بالانتخابات المحلية إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلا أن الكتلة الصدرية التي أعلنت بشكل واضح عدم مشاركتها، الأمر الذي قاد إلى تغيير في أحجام القوى المشاركة في الانتخابات 2023، تختلف عما هي عليه لو أن الكتلة الصدرية اشتركت في هذه الانتخابات، صحيح أن مقاطعة الكتلة الصدرية للانتخابات المحلية جاءت وفقاً لقراءة سياسية، ولكنها فنياً تركت آثارها وساعدت في تقوية الأحزاب المشاركة في الانتخابات، التي تمكنت فيما بعد من تقاسم السلطة في المحافظات.
بالمحصلة النهائية؛ افضت عدم مشاركة الكتلة الصدرية في الانتخابات المحلية لعام 2023 تغيرات كبيرة انعكست على واقع التوازنات والاثقال الانتخابية للقوى المشاركة في الانتخابات، وهو ما تسعى هذه الدراسة لبيانه حيث افترضت الدراسة مشاركة الكتلة الصدرية في هذه الانتخابات المحلية بناءً على أصوات الكتلة الصدرية التي حصلت عليها في انتخابات 2021.
لقراءة المزيد اضغط هنا