قبل عشرة أعوام انطلق من كربلاء نداء المرجعية الدينية العليا وفتواها الشهيرة بوجوب الدفاع الكفائي، التي دعت فيها العراقيين القادرين على حمل السلاح لمواجهة الارهابيين الذين سيطروا على مساحات واسعة من الأراضي العراقية، واستجاب الكثير من العراقيين شيبا وشبابا لذلك ومن مختلف الشرائح الاجتماعية واندفعوا الى ساحات القتال بحماس وهمّة وخاضوا لأكثر من ثلاثة سنوات عشرات المعارك الضارية بكفاءة عالية، تجلّت فيها البطولة بأروع صورها وأسمى معانيها.
وتعد هذه الفتوى واحدة من الفتاوى المهمة في تاريخ العراق المعاصر، ونالت حينها قبولا شعبيا شيعيا واسعا، وتحررت بفضلها مناطق كثيرة كانت تحتلها جماعة أطلقت على نفسها (الدولة الاسلامية في العراق والشام)، وأخذ العراقيون يستذكرون الفتوى بصورة مستمرة وفضلها في تحرير الاراضي.
وبذلك فإنها من القصص المهمة في التاريخ على المستوى الاجتماعي والسياسي، قصص تحمل في طياتها موقفا للمرجعية ومكانتها ودورها في حفظ البلاد من الجهات المخربة، والقصص البطولية للأفراد المشاركين في تلك الفتوى.
وتأسيسا على ذلك نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على تعاطي المرجعية مع ذاكرة فتواها، سواء من خلال البيانات أو الأفعال أو الصور، فهي ذاكرة تُعيد من خلالها الأدوار التي صنعتها أحدى أهم اللحظات التاريخية واختبار تجربتها