تعرضت محافظة نينوى إلى سيطرة من التنظيمات الإرهابية المتمثلة بتنظيم داعش الإرهابي في حزيران/يونيو 2014، سبق ذلك مجموعة كبيرة الأعمال الإرهابية التي نفذها ذات التنظيم بهدف التهيئة لعملية السيطرة على محافظة نينوى؛ ومن ثم الانتقال إلى مناطق أخرى في صلاح الدين والأنبار وديالى وكركوك. شكلت صدمة سقوط مدينة الموصل ومحافظة نينوى حالة متنامية من المخاوف بشأن القدرات العسكرية العراقية للصمود بوجه التنظيمات الإرهابية في ظل انتشار عسكري مكثف آنذاك، وتباينت الروايات بشأن عملية الانهيار السريع للقطعات العسكرية، مع وجود روايات أن أعداد الإرهابيين لم تكن إلا بالمئات، وهذه الرواية الأكثر تضليلاً للرأي العام، إذ أظهرت الأحوال بعد ذلك بأنهم كانوا منتشرين بشكل واسع، وأن المتعاونين مع التنظيم كان يصل عددهم إلى آلاف الذين أعلنوا انتمائهم للتنظيم في وقت لاحق. اضطر أكثر من ثلاثة ملايين مواطن من نينوى إلى البقاء في منازلهم ولمدة ثلاث سنوات، مع حدوث هجرة واسعة من مناطق أخرى، خاصةً المناطق في سنجار وتلعفر وسهل نينوى التي أفرغت تماماً من المواطنين، كما شكل النزوح القسري أزمة إنسانية استدعت جهوداً كبيرة من أجل استيعابها في مناطق إقليم كردستان وبغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية. أفرزت الأوضاع التي مرت على نينوى مجموعة من بؤر التوتر التي لا تزال حاضرة (وعملية تصفير المشكلات تحتاج إلى وقت أكبر مما هو متوقع). سنجار لا تزال تشكل عقدة واضحة تجاه أي حلول ممكنة في الأمد المنظور، يزاد عليها عقد أخرى كالمناطق ذات الإدارة الأمنية تحت سيطرة إقليم كردستان، والتغيير الديمغرافي في سهل نينوى بين الطرفين الأساسيين المسيحيين والشبك، وتوسعة التصميم الأساسي، كما لم تزل أعداد الموجودين في مخيمات إقليم كردستان من نازحي نينوى يبلغ أكثر من ستين ألف مواطن، والعودة إلى المناطق في غرب نينوى، وفي جنوب غربها لا تزال ضعيفة مقارنة بأعداد العائدين إلى مناطقهم الأصلية. تحاول هذه الورقة إثارة النقاش مجدداً حول الأوضاع في نينوى بعد عشر سنوات من تعرضها للهجوم من تنظيم داعش الإرهابي، وسبع سنوات منذ إعلان تحرير نينوى والتضحيات الكبيرة التي قدمتها كافة القوات الأمنية. مع التركيز بشكل خاص على بؤر التوتر الأساسية والاحتياجات الإنسانية عبر عدة نقاط أساسية.
نينوى من 2014 حتى 2024: بؤر التوتر والاحتياجات الإنسانية
723
د. محمود عزو حمدو/ مركز بناء السلام / جامعة الموصل.