صائب خدر/ باحث
تعد محافظة نينوى واحدة من أهم المحافظات في العراق وأكثرها تنوعاً لما تحتويه من مكونات دينية ومذهبية وقومية، جعلتها مختلفة عن باقي المحافظات، ناهيك عن مساحتها الكبرى ومحاذاتها جغرافياً مع بلدان مهمة في المنطقة مثل (تركيا وإيران وسوريا)، ربما كان الموقع الجغرافي والتنوع المكوناتي سبباً فى خلافات وصراعات وأزمات وتقلبات فكرية وسياسية وثقافية كانت وما زالت مستمرة في هذه المدينة التي سميت برأس العراق. انعكست كل هذه التقلبات والصراعات والأزمات على واقع المدينة السياسي والاجتماعي والفكري، فتاريخ هذه المدينة مليء بروايات وأحداث عديدة كانت سبباً في تشكيل صورتها الحالية، ولا يسع الوقت أن نخوض في تاريخها القديم والصراعات الفارسية والعثمانية عليها، والدويلات التي تشكلت في أطرافها، والصراعات التي نشأت فيها في الدولة الحمدانية و الأتابكة وغيرهم، ولكن تاريخها الحديث يرشدنا إلى فحوى ذلك، فهذه المدينة في تاريخ العراق الحديث كانت عرضة لمفاوضات (تركية – عراقية) في زمن الملك فيصل الأول (رحمه الله)، خاصة بعد تدهور الدولة العثمانية وتقسيمها، فكانت هناك مطالبات لضمها إلى تركيا، وعلى إثر ذلك شكلت لجنة من عصبة الأمم سميت (لجنة الموصل)، والتي أجرت استفتاءً شمل أغلب مكوناتها، مخيرين بين الانضمام إلى (تركيا أو العراق) فكانت النتيجة أن وافق أهلها على الانضمام إلى العراق، مع تحفظ بعضهم ورفض آخرين منهم، ولكن بالأغلبية ضُمت إلى العراق، والتي بموجبها اكتمل شكل العراق الحالي. كانت للجهود السياسية والدبلوماسية الكبيرة التي بذلها الملك فيصل الأول (رحمه الله) الأثر الكبير في ضمها إلى العراق. كما كان انضمام الموصل السبب أيضاً لعقد اتفاقية استراتيجية مع بريطانيا سنة 1936 استمرت لعقود طويلة. لقد أزعج قرار عصبة الأمم بضم الموصل إلى العراق الأتراك؛ مما دفعهم لرفض هذه النتيجة وقتذاك، ولكن لم يكن اعتراضهم محل اهتمام الدول العظمى، ولم يغير من صيغة القرار الدولي، ولكن أطماع وتوجهات الأتراك باقية لغاية الآن في هذه المدينة، وإن كانت في قوالب سياسية واقتصادية وأحياناً أمنية. بعد انضمام الموصل للعراق أفرد لها النظام الملكي أهمية خاصة، واستقطب نُخبها وسكانها، وإشراكهم في صناعة القرار السياسي المركزي، فظهرت نخب منهم أمثال محمد حديد وآخرون كان لهم دور في تاريخ العراق الحديث.