حيدر جليل خلف – باحث في قضايا بناء السلام
ملخَّص تنفيذي
تتناول هذه الورقة قضية الموصل ما بعد التحرير من داعش، من محورٍ مهم متمثّل في إعادة بناء الثقة بين سكّان الموصل وسلطاتهم الحكومية المحلّية، وهذه الثقة ضرورية لتعزيز الاستقرار والمصالحة والتنمية المستدامة في أعقاب تحرير المدينة من احتلال داعش.
كان تحرير الموصل في عام 2017 بمثابة لحظة محورية في تاريخ المدينة، حيث أتاح فرصة لإعادة البناء والتعافي من الأضرار الجسيمة والصدمات التي سبّبها تنظيم داعش، ومع ذلك، فإنَّ إعادة بناء الثقة في السُّلطات المحلية يشكّل تحديًا أساسيًا يجب التصدي له لضمان الاستقرار والتنمية على المدى الطويل، تهدف هذه الورقة إلى تقديم تحليل لديناميات الثقة، وتحديد التحدّيات والفرص الرئيسة، وتقديم توصيات قابلة للتنفيذ لإعادة بناء الثقة.
لقد تقوَّضت الثقة في السُّلطات المحلّية في الموصل بشكل كبير بسبب سنوات من الصّراع والفساد والحكم غير الفعّال، ويكشف التحليل أنَّ المخاوف الأمنية، وعدم كفاية تقديم الخدمات، وانعدام الشّفافية، والمشاركة المجتمعية المحدودة هي عوامل رئيسة تساهم في تآكل الثقة، وتسلُّط البيانات والإحصاءات الضَّوء على حجم هذه القضايا، وتؤكّد الحاجة الملحّة إلى بذل جهود شاملة لبناء الثقة.
إنَّ الطريق إلى إعادة بناء الثقة محفوف بالتحدّيات، بما في ذلك إرث الصراع، وقيود الموارد، والتفتت الاجتماعي، ومع ذلك، هناك أيضًا فرص للاستفادة من قدرة سكان الموصل على الصمود والتكيُّف وقيادة المبادرات والمشاركة الفاعلة للتغيير، والدعم من أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين، ومن خلال معالجة هذه التحدّيات والاستفادة من هذه الفرص، يمكن للسُّلطات المحلية أن تضع الأساس لمستقبل أكثر استقرارا.
تقترح الورقة عدّة استراتيجيات لإعادة بناء الثقة في السُّلطات المحلّية، بما في ذلك، المشاركة المجتمعية التي تعمل على إنشاء آليات للحوار المنتظم والمشاركة في عمليات صنع القرارات، وتقديم الخدمات التي تهدف لتحسين الخدمات الأساسية لتلبية احتياجات السكّان وإظهار التزام الحكومة، والشفافية والمساءلة التي تعزّز الحوكمة وآليات الرقابة، والتماسك الاجتماعي الذي يهدف لزيادة المبادرات التي تُعزّز الحوار والتعاون بين فئات المجتمع المختلفة، وهناك أيضًا بناء القدرات التي تعمل على مهارات وقدرات المسؤولين الحكوميين المحلّيين من خلال التدريب والشّراكات.
بناءً على التحليل، تُقدّم الورقة توصيات محدّدة لصانعي السِّياسات وأصحاب المصلحة تتضمّن:
1- الاستثمار في المشاركة المجتمعية والحوكمة التشاركية.
2- تعزيز تقديم الخدمات الأساسية.
3- تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسَّسات المحلية.
4- تعزيز مبادرات التماسك الاجتماعي والمصالحة.
5- بناء القدرات المؤسَّسية للسُّلطات المحلية.
6- رصد وتقييم مبادرات بناء الثقة لضمان التحسين المستمر.
7- إعطاء الأولوية لاحتياجات الفئات السكانية الضّعيفة، بما في ذلك النازحين والأقليات.
لتنفيذ هذه التوصيات بشكل فعّال، توضّح الورقة خطوات التنفيذ، التي من أهمّها إشراك المجتمع من خلال المشاورات والعمليات التشاركية، والقيام بإنشاء خطط محدّدة ذات أهداف وجداول زمنية واضحة، وتعزيز مهارات السُّلطات المحلية من خلال التدريب، وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة، وتنفيذ آليات لتتبُّع التقدُّم وتكييف الاستراتيجيات.
إنَّ إعادة بناء الثقة في السُّلطات المحلية أمر بالغ الأهمية لتعافي الموصل وتنميتها في المستقبل، ومن خلال تنفيذ التوصيات والاستراتيجيات الموضَّحة في هذه الورقة، يمكن لواضعي السِّياسات وأصحاب المصلحة تعزيز ثقافة الثقة والتعاون والاحترام المتبادل، وهذا بدوره سيُمهّد الطريق لموصل أكثر مرونة وشمولا وازدهارا.