جابر عاشور
لسنوات عديدة، كان يُزعم أن تركيا بحاجة إلى حزب يميني لمخاطبة سكان الطبقة المتوسطة في شمال وغرب البلاد وكسب أصواتهم، التي يحتفظ بها حالياً حزب العدالة والتنمية بشكل رئيسي. في السنوات الأخيرة، بعد إخفاقات حكومة أردوغان الاقتصادية والتضخم الكبير، وعجز بعض الأحزاب الحديثة التأسيس عن التأثير في الطبقة المتوسطة التركية، زاد حزب الرفاه الجديد من عملياته. يقود هذا الحزب فاتح إربكان، نجل رئيس الوزراء التركي المحافظ الراحل المعروف نجم الدين إربكان، وقد نما من العدم ليصبح ثالث أكبر حزب في تركيا من حيث العضوية والأصوات. كان هذا النجاح واضحاً بشكل خاص في الانتخابات المحلية التركية التي أجريت في آذار/مارس 2024. في هذا البحث، أود أن أقدم مخططاً موجزاً لتاريخ هذا الحزب وحالته الحالية ومستقبله في تركيا.
أسس التأسيس: حركة الرؤية الوطنية وحزب العدالة والتنمية وأواصر نجم الدين إربكان.
السبب الرئيسي لتأسيس حزب الرفاه الجديد ينبغي أن يعتبر ضمن حركة الرؤية الوطنية (Millî Görüş). هذه الحركة، التي أسسها عدد من الأتراك البارزين المقيمين في تركيا وأوروبا، تطورت إلى حركة سياسية مركزة حول نجم الدين إربكان، وحافظت على وجود بارز في الحياة السياسية التركية لنحو عقدين. مع ذلك، عند تقاعد ووفاة إربكان، تم تقسيم إرث الحركة السياسية الوطنية بين مجموعات عديدة، بما في ذلك حزب الصوت الوطني وحزب السعادة وحزب العدالة والتنمية. ومع ذلك، فقد ظل الأشخاص المحيطون بنجم الدين إربكان يعتقدون دائماً أن إرث حركة الرؤية الوطنية يخصهم، وقد استولت عليه أحزاب انتهازية.
في هذا السياق، في العقدين اللذين تليا وفاة إربكان، لم تدعم عائلته والأشخاص من حوله أياً من الأحزاب المذكورة، معتبرين إرث إربكان وحركة الرؤية الوطنية ملكاً لهم. هذه الظروف، جنباً إلى جنب مع المشكلات الاقتصادية في تركيا في السنوات الأخيرة، دفعت نجل نجم الدين إربكان وبعض أفراد عائلته، بالإضافة إلى بعض أصدقاء إربكان القدامى، لإحياء إرث إربكان المعروف وحركة الرؤية الوطنية من أجل الاستفادة من رأس المال الاجتماعي لهاتين القضيتين، خصوصاً في المناطق الريفية وغير الأوروبية في تركيا. لتحقيق ذلك، أسسوا حزب الرفاه الجديد في عام 2018، مستذكرين حزب الرفاه، آخر حزب نشط وجاد أسسه نجم الدين إربكان. من خلال استخدام شبكة رفاق إربكان والمقربين منه في تركيا، أطلقوا حزبهم الجديد مدعين أنهم الورثة الشرعيون الوحيدون لإربكان وحركة الرؤية الوطنية لتقديمها إلى المجتمع التركي. في هذا السياق، ليس من المستغرب أن يستفيد حزب الرفاه الجديد من اسم نجم الدين إربكان، وصورته وأسلوبه السياسي، بالإضافة إلى حركة الرؤية الوطنية وحزب الرفاه كرموز مقبولة جميعها.