بعد ساعات طويلة كاتمة للأنفاس، أسدل الستار على حادث مفاجئ أسفر عن وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ومرافقيهما في سقوط مروحية شمال شرقي إيران.
وترك هذا الحادث صدمة في النظام الإيراني، فضلا عن إعادة الحرارة لذاكرة إيرانية قديمة قتل فيها الرئيس الإيراني الأسبق محمد علي رجائي ورئيس وزرائه في تفجير إرهابي عام 1982.
وإذا كان مقتل رجائي نتيجة لعدم الاستقرار الأمني والسياسي عقب الثورة الإسلامية عام 1979، فإن غياب الرئيس إبراهيم رئيسي بهذه الطريقة يفتح الباب أمام تساؤلات كبيرة.
جاء اختيار رئيسي لمنصب الرئاسة إثر مخاض داخلي معقد ما يزال النظام الإسلامي في إيران يعيشه. فمن جهة صراع الأجنحة السياسية المختلفة بين إصلاحيين ومحافظين، وبين الأصوليين والمحافظين التقليديين، وبين الحرس الثوري وسواهم، ومن جهة أخرى تهيئة النظام لمرحلة ما بعد المرشد الأعلى آية الله السيد علي الخامنئي.
وكانت الانتخابات التي فاز بها رئيسي مليئة بالأحداث، التي أنبئت بدعم واسع النطاق لمؤسسة الحرس الثوري، والاصوليين في إيران، بالإضافة الى تحالفات واسعة شملت أيضا الطوائف والأديان والقوميات المتنوعة في البلاد، ما أدى إلى تسجيل فوز كبير لرئيسي أمام خصومه، ومن أبرزهم مرشح الاصلاحيين محافظ البنك المركزي الأسبق عبد الناصر همتي.
تكمن أهمية شخصية الرئيس الراحل في عدة أمور، ليس اقلّها كونه من أبناء النظام منذ الأيام الأولى من الثورة. بدأ رئيسي مسيرته قاضيا عام 1980، ليتدرج في القضاء إلى المراتب العليا، ليكون رئيسا للسلطة القضائية. كما تولى منصب رئاسة العتبة الرضوية، وهي مؤسسة ذات نفوذ واسع منذ عقود طويلة، وتدير اصولا مالية تقدر بمليارات الدولارات، فضلا عن نفوذها السياسي منذ قبل اندلاع الثورة الإسلامية وحتى الوقت الراهن.
كما كان رئيسي عضوا مزمنا في العديد من المؤسسات المهمة في الجمهورية الإسلامية لعل أبرزها مجلس خبراء القيادة.