د. محمد مسجد جامعي – سفیر ودبلوماسي ايراني سابق
يدور موضوع الكلام عن «اليمين الديني وحرب غزة»، وخاصة اليمين الإنجليكاني الأميركي خاصة. وسأحاول في هذه الكلمة الإشارة إلى أهم النقاط التي تخص الموضوع.
توجد حالياً ما لا يقل عن ثلاثة رموز لليمين الديني في العالم، وهي: الهندوس اليمينيون الذين يمسكون بزمام الأمور في الهند، واليهود الأرثوذكس والمتطرفين الأرثوذكس المتغلغلين بشدة في الحكومة والمجتمع الإسرائيلي حالياً، وأخيراً اليمين المسيحي، ونقصد به اليمين المسيحي الإنجيلي الذي يهيمن على المجتمع والسياسة الخارجية الأميركية. ورغم التشابه الموجود بين هذه الأصناف الثلاثة، إلا أننا سنتحدث عن المجموعة الثالثة في الفقرات القادمة:
حرب غزة: ليست مجرد صراع بين إسرائيل وحماس، إضافة إلى كونها برأي اليمين الأميركي هي أكثر الحروب دينية خلال العقود الأخيرة، فهم يعتبرونها وبصراحة بأنها حرب دينية. وفي هذا قال السناتور ليندسي غراهام، نجل القس الأنجليكاني الكبير بيل غراهام في الأيام الأولى للحرب «أننا أمام حرب دينية. أنني من أنصار إسرائيل”. وأضاف مخاطباً إياها «انهضوا للدفاع عن أنفسكم، وقوموا بما يفرضه الواجب عليكم، وطهروا أرضكم.”
ولهذه الحرب ثلاثة عناصر أساسية هي:
الفلسطينيون وحماس: جاءت عمليات حماس مفاجئة للإسرائيليين وللآخرين أيضاً، وفي ذلك دلالة على نضج الحركة الكمي والكيفي. وبغض النظر عن العمليات في أيامها الأولى، إلا أن إسرائيل وحلفاؤها عجزوا عن إطلاق سراح الأسرى رغم الجهود التي بذلوها، ورغم ما يتمتعون به من قدرات استخبارية، فقد استطاعت حماس من إخفاء هؤلاء الأسرى ما يدل على المستوى العالي للعملية التي نفذتها الحركة. وما يلفت النظر هنا أن الفلسطينيين لم يتحدثوا عن حماس بسوء، رغم الهجمات الجوية الوحشية المستمرة ضدهم. ولو حصل مثل هذا الشيء لكانت وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل تطبل ليل نهار لذلك.
إسرائيل: شهد اليهود المتطرفون في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة نمواً مضطرداً، ومن الممكن جداً أن يستمر هذا النمو خلال الأعوام القادمة أيضاً، وهم يشعرون بالقوة مما دفعهم إلى اتخاذ منحى التطرف؛ فالقوة والسلطة تدفعان نحو التوسع والهيمنة خاصة إذا اعتمدت على الحس القومي والوطني والديني.
المسألة الأخرى هنا أن هذا الكيان قد تداخلت مع نسيج المنطقة، وتغلغلت في بلدان مثل الإمارات والبحرين والمغرب بحيث أصبحت هذه البلدان تتعطش لمثل هذا التغلغل أكثر من إسرائيل نفسها، لأنها تشعر بالحاجة إليها؛ كما أن السعودية على هذه الشاكلة إلى حد ما، رغم عدم وجود علاقات سياسية بين الجانبين. وهذه الحالة جعلت من الصعب بلورة إجماع عربياً ضد الاعتداءات الإسرائيلية.