د. مروان سالم العلي – أَستاذ جامعي في كلية العلوم السياسية / جامعة الموصل، مُختص في الشؤون الاستراتيجية
واحدة من أهم أسباب الفشل في التجربة السياسية العراقية بعد عام2003 هو ملف (العلاقات الخارجية، لأنها خضعت لمعادلتين (سيئتين). الأولى هي الخيار الأميركي في أن يكون العراق جزءاً من المشروع الأَميركي في المنطقة والعالم، والثانية هي فشل المنظومة الدبلوماسية بشكلٍ عام نتيجة اختيار دبلوماسييها الكبار بمعايير غير صحيحة.
ومع مرور قُرابة السنة على تشكيل حكومة محمد شياع السوداني التي ولدت بعد عام من أزمة سياسية مُستعصية، تُسارع الكابينة الحالية خطواتها نحو مسار جديد في الدبلوماسية العراقية. منذ ولادتها، عملت حكومة السوداني على تبني وانتهاج سياسة الانفتاح الخارجي للعراق تجاه الدول الإِقليمية والعالمية بهدف كسب التأييد الدولي للحكومة الجديدة.
تأخذ بوصلة حكومة السوداني طريقها بتوجيهات للاهتداء إلى علاقات طبيعية مع المحيطين الإقليمي والدولي، وفق خطوات تتسم بالبطء، بحسب مُراقبين على إِطلاع بالمشهد العراقي، يشكل الملف الخارجي للدولة العراقية ما بعد 2003، واحداً من أهم الموضوعات المثيرة للجدل والتنازع بين مُختلف القوى السياسية، مما دفع البلاد لأَن تكون أحياناً في عزلة عن مُحيطها العربي والخليجي لأَكثر من (12) عاماً.
منذُ استلامه لمهام منصبه، أجرى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني زيارات مكوكية، إِلى دول عديدة اقليمية وعالمية، زيارات تهدف لتوطيد علاقات العراق الخارجية بكل استقلالية بما يخدم مصالحه، فالرئيس شياع السوداني يهتم خلال زياراتهُ لجميع الدول، بملفات كثيرة يأتي في مقدمتها الأمن والاقتصاد، بما يتماشى مع التحديات التي يواجهها بلدهُ، وهذا ما تم توضيحهُ وفق التقسيم الآتي:
تتبني حكومة السوداني سياسة الانفتاح الخارجي ومبدأ التوازن في العلاقات الخارجية
ذكر المكتب الإِعلامي لرئيس مجلس الوزراء في12/12/2022 في بيان أن السوداني أشار إلى أن «العراق اعتمد مبدأ التوازن في العلاقات الخارجية، لتعزيز استقراره وتحقيق مصالح شعبه وأمن المنطقة»، وعلى ما يبدو، يحاول السوداني تجاوز إِخفاقات الماضي واستثمار نجاحه في سبيل تعزيز مكانة البلاد الدولية، ضمن المُحيط الإِقليمي وداخل المجتمع الدولي أيضاً. فعلاقات العراق الخارجية دائماً ما بنيت بطريقة غير منطقية، إِذ تتعامل الدول بكعب عالٍ مع العراق، ويريد السوداني استبدال هذه الطريقة وفق مبدأ حسنُ الجوار والاحترام المُتبادل والمصالح المُشتركة».
على هذا الأساس، تأتي زياراتهُ الخارجية في مسعى منهُ لخلق بيئة ناجحة لجذب دول وشركات عملاقة في المجالات التي فشلت الحكومات العراقية السابقة في تحقيق تقدم واضح بها، وهو ما ضاعف المشكلات والأزمات التي تعانيها البلاد. عبر اتباع أسلوب الدبلوماسية الهادئة من أجل تحقيق تقدم في الملفات التي لم يكن قد تحقق فيها تقدم، لاسيما الطاقة والغاز الطبيعي والغاز المُصاحب والكهرباء. وجلب شركات الاستثمار وتطوير قدرات الدولة العراقية على كافة الأصعدة، في مسعى للخروج من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الذي يعتمد تنوع مصادر الدخل.