د. علي سعدي عبد الزهرة – جامعة النهرين – كلية الحقوق
المقدمة
تمثل موقف العراق من القضية الفلسطينية سواء على المستوى الرسمي للدولة أو على المستوى الشعبي موقفاً داعماً للقضية الفلسطينية والمساند لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونضاله من أجل حريته المسلوبة، وحقه في إقامة دولته وسيادته الكاملة على أراضيه، وبقي العراق مسانداً لفلسطين منذ صدور وعد بلفور وإلى وقتنا الحاضر، إذ عدُتّ الحكومة العراقية العمليات العسكرية التي شنتها حركة المقاومة ضد (إسرائيل)، نتيجة طبيعية للقمع الممنهج الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، منذ عهود مضت على يد الاحتلال (الإسرائيلي)، وتسابق العراقيون، سواء على الصعيد الرسمي أو غير الرسمي إلى تأييد تلك العمليات، وخرجت مظاهرات في بغداد والمدن الأخرى تؤكد دعم الفلسطينيين، ودعا العراق الدول الإسلامية والعربية إلى الوقوف مع الشعب الفلسطيني ودعم مطلبه في تحرير أراضيه من الكيان الصهيوني، وفي ظل استمرار العدوان الوحشي من قبل كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة وارتكاب مجازر دامية بحق آلاف المدنيين الفلسطينيين، طالب العراق دول العالم والمنظمات الدولية باتخاذ موقف لإنهاء تلك المجازر، ورفع الحصار الظالم عن مدينة غزة وتوفير الممرات الآمنة للمدنيين ومرور المساعدات الإنسانية العاجلة ، كما استضافت بغداد المؤتمر الخامس والثلاثين الطارئ للاتحاد البرلمان العربي، وذلك لمناقشة العدوان الصهيوني على غزة ووقف الهجمات الهمجية على استهداف المدنيين، ودعا المجتمعون المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية لتحمل مسؤولياتها بإيقاف الحرب فوراً والعمل لفتح المنافذ لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين، وذلك تخفيفاً على قطاع غزه واستجابة لمعاناته جراء ما يتعرض له من اعتداءات وانعدام ظروف البقاء على قيد الحياة، كما أكد المجتمعون على الموقف الرافض بشكل قطعي لأي دعوات للتهجير القسري من قطاع غزه بالأدوات العسكرية لما تشكله من تصفية للقضية وضياع للحق الفلسطيني، وفي أعمال قمة القاهرة للسلام ناصر العراق القضية الفلسطينية بكل ما تعنيه الكلمة، وطالب بالإعلان الفوري لوقف إطلاق النار وفك الحصار، وتسهيل نقل المساعدات الإنسانية، وبتأسيس صندوق داعم لأهالي القطاع، كما قام العراق بتوفير مساعدات إنسانية وبتخصيص مبالغ مالية لدعم السكان من الأدوية والأغذية.
أولاً: طوفان الأقصى وكسر الاحتلال الصهيوني
شنَّت (كتائب القسام) الجناح العسكري لحركة حماس فجر يوم 7 أكتوبر/تشرين الاول 2023 هجوماً واسعاً في عمق التجمع الاستيطاني (غلاف غزة) الذي يضم عدداً من المدن والمستوطنات المتاخمة للخط الحدودي الفاصل بين القطاع و(إسرائيل) وهي سبع مستوطنات إلى جانب (3) ثكنات عسكرية، وقد شمل الهجوم الذي أعلن عنه (محمد الضيف) القائد العام لـ(كتائب القسام)، والذي أطلق عليه (طوفان الأقصى) عمليات تسلل بري نفذتها عشرات الجيبات العسكرية وعمليات إنزال جوي وبحري عبر طائرات شراعية وقوارب، إذ استهدفت عمليات التسلل والإنزال في البداية بشكل أساسي القواعد العسكرية التي تؤمّن الحدود والمستوطنات الواقعة في عمق (غلاف غزة) لتحييدها وتسهيل عملية التوغل، وأن دلالات توقيت المعركة جاءت تزامناً مع مرور 50 عاماً على نصر أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، وما يشكله ذلك من تسجيل نقطة سوداء أخرى في تاريخ (إسرائيل)، إذ تمثلت عملية الطوفان بالأداء العملياتي المتطور للمقاومة، والذي وصف بأنه نوعي واستراتيجي وغير مسبوق، بالإضافة إلى جهوزية المقاومة عسكرياً، وما أدخلته من تكتيكات مستجدة في إدارة المعركة.