مدخل نظري:
لا يزال العراق يعاني من مشكلة الهشاشة الاجتماعية بشكلٍ ملحوظ، ويواجه حالة متزايدة من الاضطرابات الاجتماعية والفجوات ما بين المواطن والدولة. تعزى بعض هذه المشكلات إلى نقص خدمات الحماية الاجتماعية والصحية، وانعدام الفرص الوظيفية، وزيادة الضغوط الناجمة عن النمو السكاني، وعدم المساواة في توفير الخدمات التعليمية، وتزايد العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى هجرة الكفاءات وأصحاب الشهادات. وهناك جوانب أخرى ترتبط بعدم قدرة المؤسسات على التكيف مع التحديات الاجتماعية المتنوعة نتيجة ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط وسعر صرف الدولار. ويُضاف إلى ذلك نقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وإدارة النفايات.
الأزمات الاجتماعية التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة تعزى إلى النزاعات الداخلية والتحديات الأمنية المستمرة، بالإضافة إلى مشكلات الفساد وضعف الحوكمة التي أدت إلى تسريب الموارد وسوء الإدارة. وهذا يشير إلى تفاقم مشكلة الهشاشة الاجتماعية في العراق، بما في ذلك زيادة النمو السكاني والضغط على الموارد الطبيعية والصناعية دون وجود استراتيجية واضحة. كما ارتفعت حالات العنف داخل الأسرة العراقية، وعدم استقرار الوضع التعليمي.
تناقش هذه الورقة مسببات الهشاشة الاجتماعية في العراق، وجهود الحكومة العراقية للتصدي لهذه المشكلة. يجب ملاحظة أن مصطلح «الهشاشة الاجتماعية» في هذه الدراسة يشير إلى حالة الضعف والفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي، والتي تؤثر على الأفراد والجماعات الذين يعانون من نقص الموارد ونقص الدعم الاجتماعي وفشلهم في الوصول إلى الخدمات الأساسية والفرص الاجتماعية.
أولاً: الضغوط الديموغرافية
وفقاً لإسقاطات عام 2019 للتوقعات السكانية المعدة من قبل الأمم المتحدة، قدر عدد سكان العراق بنحو 42.165 مليون نسمة في عام 2022. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، نما عدد سكان العراق بمعدل 2.97% سنوياً، وهو أعلى بكثير من نمو السكان لمجموعة الدول متوسطة الدخل (1.09%) ودول غرب آسيا (1.48%). وبحلول عام 2050، سيظل معدل النمو إيجابياً عند 1.45%. يمكن تفسير نمط النمو السكاني الطبيعي (باستثناء الهجرة) المرتفع ولكن بصورة متناقضة بعاملين أساسيين: معدلات الخصوبة ومعدلات الوفيات. ومقارنة بعام 1950، انخفض معدل الخصوبة الإجمالي بنحو 60%، من 8.11 طفل لكل امرأة إلى 3.45 طفل لكل امرأة في عام 2022. ومن المتوقع أن ينخفض أكثر ليصل إلى 2.61 طفل لكل امرأة بحلول عام 2050.