د. محمد الربيعي – باحث
تلعب الدراسات العليا دورا مهماً في تشكيل مستقبل العراقيين الذين يسعون للحصول على مؤهلات أكاديمية متقدمة. بالنسبة لهؤلاء الطلاب، فإن الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في الجامعات الغربية لا بديل له لما له من أهمية كبيرة بسبب المزايا والفرص العديدة التي توفرها الأنظمة التعليمية في هذه الدول مقارنة بالدراسات المماثلة في أي مكان آخر.
استفاد العراق، كما استفادت الصين ودول شرق أسيا والخليج العربي، كثيراً من دراسة طلابه في الجامعات الغربية والأمريكية في دعم وتطوير تعليمه العالي وجامعاته الوطنية ومن خلال اكتساب المعرفة والخبرة الخلاّقة، وتعزيز التعاون والتبادل التعليمي مع أرقي الجامعات، وتحسنت لذلك سمعة العراق الاكاديمية. فمن جانب واحد، استفاد الطلاب الذين درسوا في أمريكا وبريطانيا ودول غربية أخرى من تعرضهم لثقافات ومجتمعات مختلفة، وتحسين لغاتهم ومهاراتهم التواصلية، وتوسيع شبكاتهم وآفاقهم. كما تمكن هؤلاء الطلاب أن يسهموا في نشر معارفهم وخبراتهم عن العراق في أوساط الاساتذة والزملاء في الجامعات التي يدرسون فيها. من جانب آخر، تمكنت الجامعات التي استقبلتهم عند عودتهم من الاستفادة في الارتقاء بالتدريس وفي تعزيز التنوع والشمولية في بيئتها التعليمية وتطوير مناهجها وتحقيق المزيد من التعاون بين الأكاديميين والباحثين وتشجيع التعلم المستمر والابتكار المشترك.
ما هي المزايا التي توفرها الدراسة في الجامعات الغربية؟
أولاً. تشتهر البلدان الغربية خصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا بجامعاتها ومؤسساتها البحثية المرموقة التي تقدم تجارب تعليمية استثنائية. نتيجة لذلك، توفر برامج الدراسات العليا في هذه البلدان إمكانية الاحتكاك بأعضاء هيئة التدريس من الطراز العالمي الخبراء في مجالات تخصصهم. يعمل التوجيه والإرشاد الذي يقدمه هؤلاء الأساتذة المتميزون على تعزيز القدرات البحثية والنمو الفكري والبحثي للطلاب العراقيين، مما يمكنهم من المساهمة بفعالية وتميز في المجالات التي يرغبون فيها عند الانتهاء من دراساتهم.
ثانيا. تعتبر النزاهة الاكاديمية أحد الجوانب المهمة للدراسة في جامعة غربية، مما يعني أن تكون صادقا ً وأخلاقيا ً في عملك الأكاديمي. تتضمن النزاهة الاكاديمية اتباع قواعد ومعايير الجامعة، مثل تجنب الانتحال والغش والتواطؤ بالضد من المصالح العامة للجامعة أو الدفع لشخص آخر للقيام بعملك نيابة عنك.
تتضمن النزاهة الاكاديمية أيضاً مسؤوليات أكاديمية، مما يعني أن تكون مسؤولاً ومحترماً في عملك الأكاديمي. تشمل المسؤوليات الأكاديمية الحضور في القاعات الدراسية واستكمال المهام في الوقت المحدد والمشاركة في المناقشات وإعطاء الملاحظات واتباع التعليمات. تشمل المسؤوليات الأكاديمية أيضا احترام حقوق وآراء الآخرين، مثل زملائك في الفصل والمدرسين والباحثين.
تستند النزاهة والمسؤوليات الأكاديمية إلى الأخلاق الأكاديمية، وهي المبادئ والقيم الأخلاقية التي توجه السلوك الأكاديمي. وتشمل الأخلاقيات الأكاديمية الصدق والثقة والإنصاف والاحترام والمسؤولية والشجاعة. تساعد هذه القيم في إنشاء مجتمع مخصص للتعلم وتبادل الأفكار، كما تساعد الأخلاقيات الأكاديمية أيضا في حماية نزاهة وجودة العمل الأكاديمي، مثل التدريس والبحث والنشر.