حبيب القريشي – محامي
المقدمة:
جريمة اختلاس الأموال العامة من الجرائم التي تقع في الغالب على الأموال العامة، فهي تمثل في المقام الأول اعتداءً على أموال تعود للمجتمع والمخصصة إما لمشاريع إنتاجية أو لخدمات مجانية تعود على الجميع بالنفع العام، فهي من الجرائم التي تضر بالمصلحة العامة وتنصب على أموال الدولة.
ولم تكن لهذه الجريمة أهمية خاصة في العراق قبل تطبيق النظام الاشتراكي، ذلك النظام الذي أُقيم على أساس التدخل إلى مدى بعيد في حياة الأفراد، والتي تمثل بتوسّع في القطّاع العام وإنشاء مرافق عامة لا يكاد يدركها الحصر مع ما استتبع من زيادة في عدد العاملين من الموظفين وغيرهم فيها.
ولما كانت جريمة اختلاس الأموال العامة بصورها المتعددة لا تقع إلا من موظف أو مَن في حكمه، فهي في مجموعها جرائم وظيفة، لذا فقد جاء انتقاؤنا لدراسة هذه الجريمة مرتبط بأهمية المصالح التي تقع عليها، ومتعلق بإساءة استغلال الموظف سلطته المرتبطة بالوظيفة العامة إذ أنَّ أي انحراف أو تفريط منه بهذه المصالح سيؤدي إلى التأثير على سلامة النظام الاشتراكي ذاته.
كما أنَّ انتقاءنا لها جاء بسبب افتقار مكتبة القانون العراقي لدراسة كهذه، فالفقه العراقي لم يولّ مطلقاً أية عناية لهذه الجريمة على الرغم من أهميتها وخصوبة ودقة المشكلات القانونية التي تثيرها دراستها.
منهج البحث:
وجدت أن أقسم البحث إلى نظرة تاريخية نتناول فيها بحث جريمة اختلاس الأموال العامة في الشرائع القديمة، ثم أقسم البحث إلى خمسة أبواب وخاتمة.
الباب الأول:
ونتناول فيه بحث فكرة الاختلاس بمعناها العام، وماهية جريمة اختلاس الأموال العامة، وعلة تجريمها، والأحكام المشتركة بصورها المتعددة.
الباب الثاني:
ونتناول فيه البحث في أركان جريمة اختلاس الأموال العامة.
الباب الثالث:
ونتناول فيه البحث في النظام القانوني لجريمة اختلاس الأموال العامة.
الباب الرابع:
ونتناول فيه مقارنة جريمة اختلاس الأموال العامة بكل من جريمة السرقة وخيانة الأمانة والنصب.
الباب الخامس:
ونتناول فيه البحث في عقوبة اختلاس الأموال العامة، فنبحث عقوبة الجريمة في صورتها المشددة والمخففة، ثم نبحث في رد المال المختلس وأثر كل من وفاة المتهم أو صدور عفو عام أو خاص عنه، أو وقف تنفيذ العقوبة بحقه، أو ارتباط جريمة الاختلاس بجريمة أخرى، على هذا الرد، وبعد ذلك نبحث في أثر الحكم الجنائي على عزل الموظف من الوظيفة، وأثر وقف تنفيذ العقوبة على العزل.