تمهيد:
إنَّ حجم المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يمر بها الشباب اليوم، فضلاً عن القمع الذي تعرض إليه الناشطين السياسيين، يدفع الكثير منهم إلى التحشيد والتعبئة من خلال وسائل مختلفة لأجل تحقيق تغيير اجتماعي واقتصادي، كما أنَّ التعبئة والمشاركة التي يلجؤون إليها لا تكون موجهة بالضرورة ضد النظام بذاته، بل تشمل العمل الجماعي داخل حدود المجتمع.
يلجأ الشباب إلى أنماط جديدة من التعبئة وهي مهمة كجزء من النشاط المجتمعي والجماهيري، إذ يحفز الشباب المؤثر الأشخاص الآخرين على مواجهة المشكلات والمساهمة في حلها من خلال الطرق والآليات التي يلجؤون إليها من قبيل الانضمام إلى المجتمع المدني للتعبير عن نشاطاتهم، أو الدخول في سوق العمل ومقاطعة بعض البضائع، والمشاركة السياسية من خلال الانتخاب، أو الانضمام إلى تنظيم سياسي، وبالعكس مقاطعة الانتخابات، واللجوء إلى الاحتجاج والاعتصام، كل هذه الأنماط تعبّر عن خيار الشاب العراقي للتغيير من أجل سماع صوته، وعليه، تهدف هذه الدراسة إلى معرفة الأنماط والطرق التي يلجأ إليها الشباب من أجل التغيير.
منهجية وأهداف:
الدراسة الحالية تسلط الضوء على خيارات الشباب عند التغيير، أي عندما يريد الشباب العراقي أن يُسمع صوته، ما الآليات التي يلجأ إليها؟
فسّرت الدراسة الحالية خيارات الشباب وآراءهم نحو التغيير، عن طريق البيانات التي جُمعت، وحُللت توجهاته، بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي لعرض الموضوع، عن طريق المسح الاجتماعي لعيّنة من الشباب، بمختلف التوجهات، والرُقع الجغرافية المختلفة، والثقافات المتباينة بنحوٍ يسمح بتعميم النتائج عليهم.
وُجّهت الدراسة الحالية إلى فئة الشباب (ذكور، وإناث) عن طريق استبانة تكونت من خمسة عشر سؤالاً رئيساً وُجّه إلى عينة يبلغ عددها (1000) مبحوثاً/ة، اُختِيروا بطريقة العيّنة العنقودية وفق أقضية المحافظات المختارة، ومناطق سكن الشباب: (بغداد، الأنبار، الناصرية، أربيل)، وقد وُزعوا بطريقة قصدية من حيث نسب السّكان في كل من المحافظات الأربع إلى نسبة العيّنة المختارة، مع تفاوت يسيرٍ جداً في منهجية بعض المحافظات.