تمهيد:
يشير الباحثون والدارسون في مجال البيئة إلى أن تلوث الهواء يمثل أكبر تهديد للصحة البيئية في العالم، وتتسبب جودة الهواء الرديئة خطر الإصابة بأمراض مزمنة منها أمراض القلب، والسكري، والانسداد الرئوي المزمن، وسرطان الرئة، فضلاً عن زيادة خطر الإصابة بالفايروسات التي لها تأثير على الجهاز التنفسي، عدا التكلفة الاقتصادية الإجمالية التي تعادل اكثر من (8) تريليون دولار متجاوزة (6,1%) من الناتج المحلي، ويرتبط خطر تلوث الهواء بالفئات السكانية الضعيفة التي تحدث أكثر من (90%) من الوفيات، وكذلك الفئات المنخفضة الدخل، والبلدان المتوسطة الدخل، والأطفال الذين تقل أعمارهم عن (18) عاماً والنساء الحوامل وكبار السن جميعاً.
يستعرض التقرير العالمي لجودة الهواء لعام (2022) أرقاماً ومؤشرات تم الحصول عليها من (7323) مدينة عبر (131) دولة ومنطقة في العالم، وتم تجميع هذه البيانات من خلال (30000) محطة مراقبة جودة الهواء التنظيمية وأجهزة استشعار جودة الهواء، وتم قياس خطر تلوث الهواء بناءً على مستوى الجسيمات الدقيقة من فئة (2.5) المعروف ب(2.5)pm، وتعد هذه الجسيمات من أبرز ملوثات الهواء التي تستخدم في تصنيف جودة الهواء في تقرير الهواء العالمي، وهي عبارة عن جسيمات صغيرة جداً في الهواء، يبلغ قطرها أقل من (2.5) ميكرون، وهي من أكثر الملوثات الهوائية ضرراً، وتتكون من مركبات كيميائية مختلفة قد تكون نتاج بشري متمثل بالكبريتات، والنترات، والكربون الأسود، والأمونيوم وهي ناتجة إلى حد كبير من احتراق المحركات وتوليد الطاقة والعمليات الصناعية، والعمليات الزراعية، وحرق الأخشاب والفحم، أو قد تكون نتاج طبيعي يشمل العواصف الترابية، وحرائق الغابات، والعواصف الرملية.
ينضوي ملخص هذه الورقة في التعرف على مؤشر العراق ضمن الدول الأكثر تلوثاً، وما الهدف من وجود هذا المؤشر وكيف يتم قياسه، واقتراح حلول ممكنة لتحسين جودة الهواء بناءً على البيانات والمؤشرات الصادرة عن المؤشر.
ما هي مصادر تلوث الهواء؟
يغطي مؤشر جودة الهواء العالمي تصنيفات أساسية تتعلق بمصادر تلوث الهواء والتي تعبر عن المصادر الطبيعية والمصادر البشرية. تشمل المصادر الطبيعية الغبار المنبعث من الرياح، أو الركل، والأوساخ، والرمال، والدخان البركاني، والمواد المحترقة. أما المصادر البشرية فهي تميل إلى التلوث الناتج من تصرفات البشر، أي هو المساهم الرئيسي في تلوث الهواء وتشمل مصادر مختلفة منها الأشكال المختلفة من الاحتراق، مثل النقل الذي يعمل بالغاز (الطائرات، والقطارات، والسيارات) والشركات الصناعية (محطات الطاقة، والمصافي، والمصانع)، وحرق الكتلة الحيوية (حرق المواد النباتية، أو الفحم للتدفئة، الطبخ، والطاقة، والزراعة)، وهناك تصنيف آخر يدخل ضمن اللوائح البشرية وهو مزيج من الملوثات وعادةً ما تصنف إلى ما يلي:
ملوثات الصناعة التي تشمل التلوث الناجم عن منشآت مثل مصانع التصنيع، والمناجم، ومصافي النفط، وكذلك محطات توليد الطاقة بالفحم، والمراجل للتدفئة وتوليد الطاقة، والنشاط الصناعي هو مصدر عالمي رئيسي لأكاسيد وكبريتيد الهيدروجين، والمركبات (nox) النيتروجين، والجسيمات، وكلها (vocs) العضوية المتطايرة تساهم في الأوزون والضباب الدخاني، فضلاً عن الأنشطة الشخصية التي تساهم في تلوث الهواء مثل الطهي المنزلي، والتدفئة بالفحم، أو حرق الأخشاب، وكذلك بناء وتشييد المنازل، والمفروشات.
ملوثات الزراعة التي تشمل استخدام الأسمدة المكثفة في الأراضي الزراعية مساهماً هاماً في تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة، ووجدت دراسة في رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية أن التلوث الناتج عن المزارع يفوق جميع المصادر الأخرى من صنع الإنسان للجسيمات الدقيقة في كثير من الولايات المتحدة، وأروبا، وروسيا، والصين، على الصعيد العالمي، يتزايد استخدام الأراضي الزراعية؛ بسبب زيادة الطلب على المنتوجات الحيوانية ونصيب الفرد من الغذاء.
ملوثات النقل التي تشير إلى احتراق الوقود في المركبات ذات المحركات، مثل السيارات، والشاحنات، والقطارات، والطائرات، والسفن. وتعد انبعاثات النقل عاملاً رئيساً في ارتفاع الأوزون (pm2.5) ومستويات الجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين (no2) وتحدث غالبية الانبعاثات من النقل في أسواق السيارات الكبرى في العالم، حيث تميل إلى أن تكون هناك علاقة قوية بين انبعاثات النقل للفرد والدخل، مع زيادة مستويات المعيشة والنشاط الاقتصادي، يزداد الطلب على النقل أيضاً.