د. عبد الصمد سعدون – أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية
توطئة:
لا يُخفى على أحد من الباحثين المتخصصين في دراسة وتحليل الطاقة في العالم من أنّ العراق يُعد من البلدان الغنية بالطاقة التقليدية أو الناضبة وتحديداً النفط والغاز الطبيعي، بالرغم من أنّ تلك القدرات الطاقوية لم تتحدد بعد بثقلها الحقيقي لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية، على أنّ الظروف والتقلبات الإقليمية والدولية التي أحاطت بهذا البلد الحضاري منذ بعث الخليقة قد وقفت حاجزاً منيعاً أمام نهوضه وتطوره، فضلاً عن عدم تطوير قدراته من الطاقة التقليدية كي تكون في صدارة البلدان المُنتجة للنفط والغاز الطبيعي.
واليوم بات العراق بلداً آخر في علاقاته الاستراتيجية مع العالم الخارجي، وليس هناك من سبب أو حجة ما يعكر صفو تلك العلاقات ذات المصالح المشتركة، إذ تتوافر لديه كلّ الخيارات من أجل تطوير قدراته الطاقوية بمجرد تحفيز عامل الاستثمار الأجنبي وتطوير إمكاناته الوطنية كشركات ومؤسسات استكشافية حديثة لموارد الطاقة وبخاصةٍ النفط، وهي قادرة على وضع قطّاع الطاقة إحصائياً ورقمياً في ريادة القطاعات؛ ليقود استراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للقطّاعات الأخرى بمجرد توفير الموارد المالية (ريع الطاقة) وعلى جبهات تنموية عريضة وضيّقة وفق الظروف التي تسمح لتحقيق تلك الأهداف مستقبلاً.
أولاً: خارطة العراق الحالية والمستقبلية من الطاقة التقليدية ( النفط والغاز الطبيعي تحديداً)
يمتلك العراق مخزوناً احتياطاً ضخماً من الطاقة التقليدية سواء النفط الخام أو الغاز الطبيعي على الرغم من عدم استغلالها استغلالاً اقتصادياً أو فنياً، نظراً لتوافره في مناطق مختلفة من العراق، لا تزال السياسة النفطية تحتاج إلى الكثير من التخطيط والعمل الدؤوب لتحديد تلك المناطق واستثمارها بما يحقق الجدوى والمردود الاقتصادي للعراق، ويرفع من حجم الاحتياطي المؤكد على المدى القريب.
ويستهلك العراق من النفط والغاز الطبيعي وبخاصة الغاز المصاحب والذي لا يزال يُهدر نتيجة للاحتراق، مما يفقده فرصة استثماره لتوليد الطاقة الكهربائية وهو أقل بكثير مما يجب أن يتحقق من خلال استغلال هذا الغاز محلياً وتغطية احتياجاته الأساسية بدلاً من استيرادها من الخارج.
ويبلغ حجم الاستهلاك الكلي للطاقة الأولية نحو (70%) من النفط و(29%) من الغاز الطبيعي، بينما تشكل الطاقة المتجددة سواء الشمسية أو الكهرومائية نحو (1%) فقط.