خضير عباس الدهلكي – طالب دراسات عليا، برنامج الدكتوراه في السياسات العامة، في جماعة النهرين في العراق
المقدمة
تُعدُّ فضيحة الفساد التي اتُهِمَ بها عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي، وثبت تورُّطهم فيها -والتي أطلق عليها الإعلام الأوروبي «قطرغيت»- من أبرز التحديات التي تواجه المؤسسة التشريعية للاتحاد الأوروبي، إذ أفرزت هذه الفضيحة تداعيات سياسية وقانونية على المؤسسة التشريعية الأبرز للاتحاد الأوروبي، وأدَّت إلى صدمة كبيرة في المشهد السياسي الأوروبي؛ لأنَّها ستلحق أضراراً بسمعة الاتحاد الذي يؤكِّد دوماً النزاهة والشفافية ويحارب الفساد في العالم.
سوف نستعرض في هذه الورقة حيثيات فضيحة الفساد، وطبيعة العلاقة بين جماعات الضغط، والاتحاد الأوروبي، والإجراءات التي قام بها البرلمان الأوروبي لمواجهة هذه الأزمة، وطبيعة القرارات التي اتخذها بهذا الصدد، وما أبرز التداعيات السياسية المستقبلية؟
أولاً: فضيحة فساد البرلمان الأوروبي
ليست المرة الأولى التي تحصل فيها فضائح فساد مالي وغيره في البرلمان الأوروبي، إذ سبق أن حصلت عديد من الفضائح قام بها أعضاء في البرلمان الأوروبي، الذي يسمح لمئات من جماعات الضغط بالعمل والتأثير على قراراته، ولا تعمل هذه الجماعات لصالح الدول، وإنَّما لصالح قطاعات مثل الزراعة، والصناعة، والشركات الكبرى. كما توجد لكثير من المقاطعات الإقليمية في الدول الأعضاء ممثليات، أو أشخاص يعملون لصالحها، فضلاً عن بعض الأعضاء السابقين في البرلمان الأوروبي الذين يعملون كمؤثرين داخله لصالح جهات أخرى؛ ولتفادي أي تضارب في المصالح يحاول البرلمان الأوروبي تنظيم عمل هذه الجماعات عن طريق مدونة سلوك للأشخاص، وسجل شفافية، إذ إنَّ كلَّ شخص يريد أن يعمل كمؤثر داخل البرلمان الأوروبي يجب أن يكون مسجلاً في هذا السجل». فعلى سبيل المثال تنفق شركة (فولكس فاجن) حوالي (3) ملايين يورو سنوياً على ممارسة الضغط في بروكسل، وخمسة من أعضاء جماعات الضغط المرتبطة بها لديهم تصريح دخول إلى البرلمان الأوروبي. عقدت شركة صناعة السيارات الألمانية -في عام 2022- ستة اجتماعات مع مفوضية الاتحاد الأوروبي.
وجَّهتِ السلطات البلجيكية -في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2022- اتهامات لأربعة أشخاص مرتبطين بالبرلمان الأوروبي على أنَّهم تلقوا رُشًى مالية، وهدايا من دولة قطر؛ للتأثير على عملية صنع القرار؛ وقد نفت قطر من جانبها ارتكاب أي مخالفات. والبرلمانيون الذين وُجِّهَت لهم الاتهامات، واعْتُقِلوا، وصُودِرَت أموالهم في منازلهم هم:
(إيفا كايلي): سياسية اشتراكية يونانية كانت أحد نواب رئيس البرلمان الأوروبي التي سبق أن دافعت عن قطر داخل البرلمان الأوروبي بالضد من الذين وجَّهوا انتقادات لقطر؛ بشأن معاملتها السيئة للعمال الأجانب؛ وبعد اعتقالها قرَّر حزبها الاشتراكي اليوناني (باسوك) طردها من صفوفه، وجمَّدتِ اليونان ممتلكاتها في البلاد.
(بيير أنطونيو بانزيري): عضو سابق في البرلمان الأوروبي من يسار الوسط الإيطالي ومؤسس جماعة (Fighting Impunity) (مكافحة الإفلات من العقاب) الناشطة غير الهادفة للربح، والداعمة للعدالة؛ والمسجَّلة كمنظمة غير حكومية تمارس أنشطة، وكأنَّها (جماعة ضغط) في بروكسل؛ وقد قامت عن طريق آليات عملها بتقديم خدمات لدولة خليجية.
(فرانشيسكو جيورجي): قرين السيدة (كايلي)، وهو مستشار سياسي مساعد برلماني، ومجالات تخصصه هي الشؤون الخارجية، وحقوق الإنسان، والشرق الأوسط.
(نيكولو فيجا- تالامانكا): وهو الأمين العام لمنظمة «لا سلام بدون عدالة» الناشطة في مضمار حقوق الإنسان، وسيادة القانون.