عموماً، يجب البحث في تاريخ العلاقات بين بلاد ما بين النهرين وفرنسا القديمة في الروابط الحضارية للمنطقتين في الألفية السابقة. إلا أنَّ جذور العلاقات الدبلوماسية بين العراق وفرنسا تعود إلى المبشرين المسيحيين في البصرة عام 1623م. مع تنامي الاهتمام الفرنسي بالمنطقة، أدَّى رجال الدين واجبات قنصلية في باريس بين 1674 و1739. ازدادت -في هذه الفترة- أهمية العراق الجيوسياسية والعسكرية والسياسية والتجارية للحكام الفرنسيين وقواتهم البحرية في المحيط الهندي. نهضت فرنسا في القرن العشرين بدورٍ رئيسٍ في فصل العراق عن الإمبراطورية العثمانية. في وقت لاحق، مع الاستقلال الكامل للعراق كمملكة عراق في عام 1932، حافظت فرنسا على علاقاتها مع مملكة العراق.
وُقِّعَ على معاهدة الصداقة والتعاون بين البلدين في عام 1968. أدَّت الزيارة الأولى لصدام حسين إلى باريس عام 1972 إلى توطيد العلاقات النفطية بين البلدين. لكن مع زيارة جاك شيراك للعراق عام 1974، وبدء التعاون بين فرنسا والعراق في مجال الطاقة النووية، ثم توقيع اتفاقية توريد المعدات العسكرية الفرنسية، بدأ بناء المفاعل النووي. كما أصبح العصر الذهبي للعلاقات العراقية الفرنسية أكثر وضوحاً في النصف الثاني من السبعينيات.
استمرت هذه العلاقات الودية و «الاستثنائية» بين القادة، من إنشاء محطة الطاقة النووية وتشغيلها؛ إلى الدعم العسكري الفرنسي الواسع للعراق في الحرب العراقية الإيرانية. مع أنَّ احتجاز السفارة العراقية كرهائن في باريس خلق بعض الغموض، فكثَّفت الحرب الإيرانية العراقية (1980 – 1988) العلاقات التجارية والعسكرية والنووية، فضلاً عن ديون العراق لفرنسا.
في الواقع، تحوَّلت العلاقة إلى تحالف حقيقي في منتصف الثمانينيات. مع أنَّ فرنسا أصبحت واحدة من أهم الجهات الفاعلة في العراق، فأضرَّ غزو العراق للكويت عام 1990 بهذه العلاقة، لذا بدأت العلاقات تتدهور. انحازت فرنسا في عام 1991 إلى جانب الولايات المتحدة في التحالف العسكري الدولي ضد العراق.
أُعِيدَ فتح بعض العلاقات بين باريس وبغداد في منتصف التسعينيات؛ بسبب المعارضة الفرنسية للتدخُّل في العراق، وعملية عاصفة الصحراء، وجهود بغداد لإعادة بناء العلاقات. لكن مع أزمات مختلفة في علاقات العراق مع الغرب، وعقوبات عديدة (الحِصار)، وقضية أسلحة الدمار الشامل؛ قُطِعَتْ جميع العلاقات وصور التعاون، حتى عام 1998.
في غضون ذلك، ومع رغبة فرنسا في رفع العقوبات ومعارضة الرئيس الفرنسي جاك شيراك لاحتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003، فقد وُضِعَت فرنسا على هامش الشأن العراقي بعد فترة طويلة من العلاقات الوثيقة. لذا استمر جمود العلاقات حتى وقت الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.