د. وجدان فالح حسن – جامعة ميسان
الملخَّص:
ساهمت السياسات المالية التي رافقت الاستجابة لوباء (كورونا)، منها سياسات تخفيف عبء الديون، واستدانة الحكومات سواءً من الداخل أم الخارج إلى زيادة الضغوط المالية على حكومات الدول في العالم.
أدَّت تبعات الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من (40%) في الربع الأول من العام الحالي والغاز بنسبة (112%)، والفحم بنسبة (261%)، كما أنَّ أسعار المواد الغذائية في ارتفاع منها أسعار القمح التي وصلت نسبة الارتفاع فيها إلى (78%)، والزيت (63.2%) وهذه الزيادات ستلقي بظلالها حتماً على التضخُّم في العالم.
ستدفع أزمة المناخ في العالم إلى تبني إستراتيجيات، وتحويل للنفقات فضلاً عن حاجة البلدان إلى تحقيق الأمن الغذائي، ممَّا يعني أنَّ النفقات سترتفع باتجاهات مختلفة تدفع نحو انعكاسات تضخمية تؤثر على الاقتصادات في العالم.
زاد البنك الفدرالي الأمريكي من عرض النقد بحدود (40%) في سنتين، ممَّا أثَّر على عرض النقد في العالم؛ لأنَّ الدولار عملة عالمية.
مع رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا إلى نسب مرتفعة جداً تصل إلى (75%) في أمريكا إلا أنَّها لم تسعف في تخفيف الآثار التضخُّمية للأزمات العالمية.
سيعاني العراق من أزمة مركَّبة بفعل الضغوط التضخُّمية، فهو من جهة سيعاني من التضخُّم المستورد، ومن جهة فإنَّ للسياسات الحكومية التقشفية مع عدم القدرة على تمرير الإصلاحات الاقتصادية؛ بسبب الأزمة السياسية فإنَّ الآثار ستكون أكبر أثراً.
سيكون لأزمة التضخُّم العالمية آثار سلبية على الاقتصاد العراقي، وإن بدت للوهلة الأولى مفيدة؛ لأنَّها أدَّت إلى ارتفاع أسعار النفط، لكن الجوانب الأخرى فيها ستؤدِّي إلى خسائر كبيرة للاقتصاد العراقي في ظل عدم مقدرته على استيعاب الطلب المتنامي، وضعف قطاعاته الزراعية، والصناعية التي يجب أن تواكب هذا التزايد في الطلب.
المقدمة:
شكَّلت جائحة كورونا (COVID 19) وما لحقها من تداعيات اقتصادية أزمة مترامية الأطراف ضربت مدياتها الدول في العالم كله، فقد أنتجت ضغوطاً قصوى على اقتصاداتها، وما تبعها من آثار اقتصادية نتيجة سياسة الإغلاق التي اتبعتها الدول للتعامل مع الجائحة والسيطرة على انتشارها الواسع جداً، ممَّا ألحق خسائر كبرى على الأفراد والشركات على حدٍّ سواء، وهذا ما دفع الدول إلى اتباع سياسات تحفيز كبيرة، لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأفراد والشركات، فضخت الأموال إلى الأسواق وقللت أسعار الفائدة؛ لتحفيز الطلب الاستهلاكي للخروج من واقع الكساد الذي ألم بها، وهذا ما نجح للوهلة الأولى في تحفيز الطلب الاستهلاكي للأفراد حينما أصبحت القروض من دون فوائد تقريباً.
لكن هذه الحلول التي أقدمت عليها البنوك المركزية كانت الشرارة التي أيقظت الحريق، وهذا الحريق هو يمثِّل (أزمة التضخُّم) التي تضرب الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، تلك الأزمة العالمية والتي تعصف بالاقتصادات دون تمييز بين الدول الكبرى أو النامية، والتي على أثرها تراجعت الاقتصادات الواحدة تلو الأخرى، وخصوصاً النامية منها، ثم لتأتي الحرب (الروسية-الأوكرانية) أسهمت في أن تقفز أسعار المواد الأساسية وغير الأساسية والنفطية إلى مستويات قياسية لم تسجَّل منذ سنوات طويلة.