بدأتِ العلاقات الألمانية العراقية قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة. منذ تسعينيات القرن التاسع عشر، كان لدى ألمانيا في عام 1913 مخططات في الشرق الأوسط، وخصوصاً في العراق، مثل خط السكك الحديدية الذي ربط بين برلين وبغداد.
قدَّم الانقلاب العراقي عام 1941 (القومي والمؤيِّد لألمانيا في العراق) فرصةً ثمينة لألمانيا. كانت سياسة ألمانيا تجاه العراق تتمثَّل بمواجهة نفوذ لندن في العراق، وتعزيز نفوذها وقوتها في البلاد والسيطرة عليها. لكن الهزيمة العسكرية التي منيت بها أنهت دورها في العراق.
بعد الحرب العالمية الثانية، وعند زيارة وزير خارجية العراق إلى الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية في آذار 1969، اعترف العراق كلياً بألمانيا الشرقية ووسَّع نطاق العلاقات معها. كان العراق أول دولة من دول الحياد تعترف بألمانيا الشرقية. منذ عام 1953، استمرت العلاقات السياسية والاقتصادية مع ألمانيا الغربية، مع بعض التحديات والتقلبات. كان دور ألمانيا المهم في تشييد المصانع الكيماوية وبرنامج الأسلحة النووية وحيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل في الثمانينيات واضحاً للغاية.
مع ذلك، كانت هناك علاقات دبلوماسية محدودة بين البلدين منذ حرب الخليج في 1990/1991، في الوقت نفسه، وبالتحديد في عام 1992، وطَّد القادة الأكراد العراقيُّون علاقةً مباشرة مع ألمانيا، وأرسلوا بعثة خاصة إلى برلين.
أبعاد العلاقات الألمانية العراقية في العقدين الماضيين
عارضت ألمانيا والصين وروسيا وفرنسا وبلجيكا اقتراح الولايات المتحدة بمهاجمة العراق في عام 2003، كما عارضت نهج الولايات المتحدة في حلف الناتو؛ لذا، ومنذ عام 2004، كان العراق على الهامش في سياسة ألمانيا الشرق أوسطية. في الواقع، بعد تغيير النظام في العراق عام 2003، أقيمت علاقات دبلوماسية كاملة بين بغداد وبرلين، وتبادلا السفراء في كلا الدولتين في آب 2004، ومنذ عام 2009، كان لألمانيا قنصلية عامة في أربيل والعراق لديه قنصلية في فرانكفورت. في هذه المدَّة، كانت ألمانيا تنتهج مسار إطفاء ديون العراق الخارجية، ودعم إعادة الإعمار بدعم من الأمم المتحدة، ودور الناتو في توفير الحماية العسكرية لإعادة الإعمار، وهو دورٌ يختلف عن دور الولايات المتحدة. في الواقع، كان تعزيز العلاقات بين ألمانيا والعراق نتيجة لتشكيل الحكومة العراقية المنتخبة في عام 2006. مع زيارة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي إلى برلين في عام 2008، كانت زيارة (فرانك فالتر شتاينماير) في عام 2009 إلى العراق هي الأولى من نوعها منذ 1987، وبعد زيارات وزير الاقتصاد ووزير الخارجية الألماني… إلخ. توسَّعت أكثر أبعاد العلاقات، واستمرت العلاقات الثنائية في المجالين السياسي والدبلوماسي في السنوات الماضية مع المشاورات الرسمية وزيارات كبار المسؤولين ورؤساء الوزراء في البلدين.
في السنوات القليلة الماضية، أعلنت ألمانيا مراراً وتكراراً أنَّها تعتزم تحمُّل مزيد من المسؤولية في توفير الأمن الدولي. ومع الشك الذي يحوم حول مستقبل النظام الدولي والقيادة العالمية للولايات المتحدة، والتوترات المتزايدة بين حلفاء ألمانيا عبر المحيط الأطلسي، فإنَّ ظهور برلين بوصفها قوة رائدة في أوروبا، واستعدادها لتحمُّل مسؤولية دولية أكبر هو أمر مرجَّح.
من ناحية أخرى، تُعدُّ نهاية (حقبة ميركل) بداية جديدة للسياسة الخارجية الألمانية. كان للغزو الروسي لأوكرانيا تأثير على النظرة الجيوسياسية لبرلين. أعلن المستشار (أولاف شولتز) عن تخصيص صندوق دفاعي بقيمة (100) مليار يورو لتحسين وضع القوات المسلحة الألمانية وقال إنَّه يسعى لتنويع إمدادات الطاقة في ألمانيا.