ديانا هاشم جاسم – ماجستير في اقتصاديات الأعمال
الملخص التنفيذي:
ارتفع العجز الحقيقي غير المخطَّط في العراق بعد انهيار أسعار النفط في عام 2015، ممَّا دفع إلى ارتفاع المديونية الداخلية، والخارجية.
على العراق أن يتفاوض مجدداً لإعادة جدولة ديونه الخارجية، خصوصاً الديون الكريهة، والتي استخدمت للأغراض العسكرية والحربية؛ لأنَّ العراق كان مجبراً على الاستدانة؛ لتمويل الحرب على داعش، وكانت تلك الحرب تمثِّل حرباً نيابةً عن العالم.
قاد أتباع سياسة التمويل بالعجز إلى تشوُّه الهيكل الاقتصادي للدولة، وإلى حصول خلل في البناء الهيكلي للموازنات العامة في الدولة العراقية.
سيؤدي التوقُّع بارتفاع معدلات التضخُّم؛ بسبب المديونية، وزيادة عرض النقد مع عدم مرونة الجهاز الإنتاجي إلى انخفاض الطلب على العملة المحلية، والذي يؤدِّي إلى انخفاض الاكتتاب على سندات الدَّين الداخلي.
سيكون لإجراءات التنويع، وبناء إستراتيجية توجيه الدَّين، والتي تعمل على تنشيط سوق الأسهم، وسوق الأوراق المالية، وضبط النفقات، وإنشاء الصندوق الغاطس، والقروض الجسرية، وتعزيز الثقة بضمانات الدفع بالآجل أن تسهم في تقليل الديون، وتعزيز الثقة بالاقتصاد المحلي والمستثمرين الأجانب بدلاً من الاقتراض المباشر.
المقدمة
يعاني الاقتصاد العراقي من تحديات كبيرة تتمثَّل في ارتفاع حجم المديونية، والناتجة من عقود من الصراعات والتقلُّبات الاقتصادية، ومنها العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليه، ويضاف إلى ارتفاع حجم الديون هو تسديد مستحقات تلك الديون، وفي بعض الأحيان ارتفاع نسبة العجز في تسديد تلك الديون، والتي تصل إلى أرقام مرتفعة، ويؤكد مختصون اقتصاديون أنَّ سبب ارتفاع الديون، وتضخُّم الفوائد عليها ناتج من الفساد المالي والإداري، وسوء إدارة الثروات، وسوء التخطيط، وهدر هذه الأموال بدلاً من تحقيق التنمية المستدامة، كما تتأثَّر هذه الديون بالعجز الحاصل في الموازنة العامة؛ لزيادة النفقات العامة من جهة، وانخفاض الإيرادات العامة من جهة أخرى، ويُغطَّى هذا العجز عن طريق الاقتراض سواءً أكان ديناً داخلياً أم خارجياً، وعلى هذا الأساس فإنَّ الاستمرار بالاقتراض يؤدِّي إلى زيادة حجم الدَّين العام إلى مستوى يفوق قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين.
لمحة عن المديونية العراقية
المديونية هو قيام دولة بالاقتراض من دول أو مؤسسات مالية أخرى، والدَّين يُقاس على أنَّه حصَّة من الناتج المحلي الإجمالي، وتدفع الأزمات الاقتصادية إلى تلكُّؤ سداد الديون، ويمكن القول إنَّ المديونية: هي حالة عجز البلد المدِين عن سداد ديونه، ممَّا يفسح المجال للدائنين، ولا سيَّما المؤسسات المالية الدولية لإجراء الجدولة، وإجبار البلد على اتباع سياسات اقتصادية تساعد على الدفع.
يُعدُّ تاريخ الديون العراقية عموماً والخارجية منها خصوصاً من الوقائع المحزنة في تاريخ العراق الاقتصادي الحديث، فقد ظل الدَّين الحكومي بعيداً في توجُّهاته عن فلسفة الاقتراض من أجل الاستثمار في التنمية، وتحقيق الازدهار الاقتصادي بحكم الظروف والعوامل السياسية القاهرة.
لقد جعل الصراع الذي دام في العراق لأكثر من (35) عاماً البلاد غير قادرة على تلبية احتياجاتها الهائلة؛ لإعادة الأعمال عبر إيراداتها الحالية من مواردها الناتجة من صادرات الطاقة وحدها، ممَّا أفضى ذلك إلى طلب الديون لزيادة تمويل عمليات إعادة الإعمار، وقد تأثَّرتِ النقاشات داخل العراق بشأن ديون البلاد بعوامل عديدة، بعضها كانت عبارة عن تصورات للديون؛ لأنَّها نقطة ضعف، أو عبء للدولة، وبعضها كانت مرتبطة بالشعور، والنضال ضد الاحتلال الأجنبي الذي يرى أنَّ الدَّين مسألة لجعل البلاد رهينة، ويفسح له المجال لإعادة استعمارها في النهاية، لم يعتمد العراق سابقاً على سياسة الدفع بالأجل، إذ بدأت مشكلة المديونية عام1980 منذ الحرب العراقية– الإيرانية، وغيَّرت الحرب العراقية– الإيرانية كل هذا بعد أن تكبَّد العراق ديوناً ضخمة لتمويل حرب دامت (8) سنوات، وفي وقت لاحق تكبَّدتِ البلاد ديوناً أخرى كانت على صورة تعويضات عن غزو الكويت، وأنَّ هذه الديون الضخمة لم تكن معلومة، لكنَّها برزت بنحو كبير في السنوات الأولى بعد عام 2003.