ظهر النظام الانتخابي المختلط بعد أن لجأت بعض الدول إلى المزج بين نظامي الأغلبية والتمثيل النسبي؛ للاستفادة من إيجابيات النظامين، وتلافي السلبيات، وحقَّق نجاحاً نسبياً في عدد من الدول من بينها ألمانيا واليابان.
ويهدف النظام الانتخابي المختلط إلى تحقيق الانسجام بين أكثر من نظام انتخابي، أي: إنَّه لا يحمل خصائص متميزة، بل فيه شيء من الأغلبية، وشيء من التمثيل النسبي، ويوجد نوعان رئيسان لتطبيقات النظام المختلط، فحين يعمل نظاما الأغلبية والتمثيل النسبي كل واحد منهما بمعزل عن الآخر، أي: إنَّ آلية توزيع المقاعد في أيٍّ منهما لا تؤثر على الآخر يسمى النظام الانتخابي المتوازي، أمَّا إذا كان هناك تداخل بين الأغلبية والتمثيل النسبي فإنَّ النظام المختلط يسمى حينها نظام العضوية المختلطة.
النظام المختلط المتوازي
يعمل النظام المتوازي على الربط بين نظامين انتخابيين مختلفين، أي: إنَّ جزءاً من المقاعد يوزع بنظام الانتخاب بالأغلبية النسبية في الدوائر الانتخابية الفردية، في حين توزَّع الأخرى بصورة منفصلة وَفْقاً لقوائم حزبية تعمل بنظام التمثيل النسبي، ويفصل هذا النظام ما بين النظامين أثناء احتساب المقاعد، ولا يُعْمَل بفرز النتائج معاً.
واندفعت بعض الدول نحو النظام الانتخابي المتوازي؛ للخروج من المشاكل التي تسبَّب بها نظام الأغلبية، أو نظام التمثيل النسبي، إذ يفرز هذا النظام مجموعتين من الناخبين ومجموعتين من النواب. ناخبون يقترعون على أساس التمثيل بالأغلبية، وآخرون ينتخبون على أساس التمثيل النسبي، وكذلك نواب يُخْتَارون على أساس انتخاب الأغلبية، وآخرون يُخْتَارون عن طريق التمثيل النسبي.
وفي النظام المتوازي فإنَّ كلَّ ناخب إمَّا أن يحصل على ورقة اقتراع واحدة تستخدم للإدلاء بصوته للمرشح وللحزب في الورقة نفسها كما هو الحال في كوريا الجنوبية، أو ورقتي اقتراع منفصلتين، واحدة لمقعد الأغلبية، وأخرى لمقعد التمثيل النسبي، كما هو الحال في اليابان وتايلاند، وتستخدم اليابان، وكوريا الجنوبية، وباكستان، والفلبين، وأرمينيا، وغينيا، وروسيا، وتايلاند، وأوكرانيا نظام الأغلبية النسبية للدوائر الفردية إلى جانب مكونات التمثيل النسبي، أمَّا أذربيجان، وجورجيا، وكازاخستان، وليتوانيا، وطاجيسكتان، فتستخدم نظام الجولتين لمكونات الدائرة الفردية من أنظمتها. ويلاحظ وجود اختلاف في التوازن بين عدد المقاعد التي يُحصل عليها بالتمثيل النسبي، وتلك التي يُحصل عليها بنظام الأغلبية من دولة إلى أخرى، ففي كوريا الجنوبية غالباً ما تكون نسبة مقاعد التمثيل النسبي (80%) مقابل (20%) لمقاعد نظام الأغلبية، ولكن في معظم الحالات فإنَّ التوازن أكثر قرباً، فاليابان مثلاً تنتخب أكثر من (60%) من ممثليها بنظام الأغلبية والبقية بنظام التمثيل النسبي.
وقد يحقِّق النظام المتوازي بعض التوازن، وأحياناً تضع بعض الدول فيه ضمانات لوجود المعارضة مع عدم الإضرار بحظوظ الأحزاب الكبيرة، كما هو الحال في السنغال التي غُيِّرَ النظام الانتخابي فيها من نظام التمثيل النسبي عن طريق القوائم الوطنية المعمول به حتى انتخابات 1978 إلى نظام متوازٍ ابتداءً من انتخابات عام 1983 إلى الوقت الحاضر، وفي تلك الفترة جر تعديل النظام الانتخابي مرات عديدة، إذ ركَّزت معظم التعديلات على تحقيق مزيد من الشرعية الديمقراطية عن طريق اعتماد الضمانات التي تحقق للمعارضة الحصول على تمثيل مناسب لها، في الوقت الذي تحافظ فيه على الأوزان الانتخابية للأحزاب بما فيها الحاكمة، وكما هو الحال لكثير من النظم المختلطة تعتمد السنغال القائمة الوطنية لانتخاب جزء من مقاعد البرلمان، وعلى عكس كثير من النظم المتوازية التي يُنتخب فيها المقاعد المخصصة لنظام الأغلبية عن طريق الكتلة الحزبية في دوائر متعددة التمثيل في غالبيتها، بدلاً من دوائر انتخابية أحادية التمثيل، وتُوزَّع المقاعد النسبية (التي تمثل حوالي نصف المقاعد) على القوائم الحزبية الوطنية، أما المقاعد الأخرى فتُخصَّص عملاً بنظام الأغلبية في دوائر متعددة التمثيل في (30) لواء، تنتخب كل منها من ممثل واحد إلى خمسة ممثلين، وتطالب أحزاب المعارضة، والأحزاب الصغيرة دائماً بزيادة عدد المقاعد المخصصة لنظام التمثيل النسبي لتحقيق قدر مقبول من التوازن.