عماد صلاح الشيخ داود – باحث
توطئة:
تُعدُّ خطة التنمية المستدامة 2015 – 2030 المعروفة بـ(SDGs) واحدة من أهم الخطط التي تسعى لإنقاذ العالم من التدهور الذي لحق به في أعقاب الثورة الصناعية، وما شهده القرن العشرين من حربين عالميتين اختلفت في أساليبها عن كل الحروب السابقة، حين فُجِّرَت أول قنبلة ذرية في تاريخ البشرية لتتوالى من بعدها التجارب النووية في مشارق الأرض ومغاربها، وتزداد أخطارها وإرثها الثقيل شيئاً فشيئاً؛ ولعل القبة الإسمنتية في جزر المارشال وما تحويه من نفايات نووية تُعدُّ من أكبر الأخطار التي تداهم العالم على حد تعبير (غوتيرش) -الأمين العام للأمم المتحدة- ممَّا يستدعي تكاتف الجميع على وجه البسيطة بأسلوب تكاملي واعٍ يسعى لتجميع موارد التمويل، ويرتقي بنفسه عن طريق المعرفة وتبادل الخبرات؛ لإنجاح الخطة موضوعة البحث في أعلاه عن طريق التبني الحقيقي لمتضمنات الهدف (17) وغاياته؛ وما ينطوي عليه من مبادرات متعددة لأصحاب المصلحة تنهض بها الحكومات والمنظمات الدولية والمجموعات الرئيسة، وكل الجهات الأخرى التي تحت مسمى أصحاب المصلحة.
واحدة من تلك المبادرات أُعْلِنَ عنها من قبل رئيس الإدارة الأميركية جو بايدن، وحملت عنوان مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) التي جاءت كمخرج رئيس من مخرجات قمة الدول السبع (G7) الأخيرة نهاية حزيران/ يونيو 2022 المنصرم، والمقامة في جبال الألب البافارية الألمانية من أجل التداول في شراكات التنمية المستدامة، وكيفية إيجاد الحلول الناجعة للتخفيف من وطأة المشكلات التي تجابه دول العالم؛ إذ دارت الحوارات حول عديد من القضايا ومن أهمها: ((إعادة إعمار أوكرانيا، والانتعاش الاقتصادي العالمي، ومشكلات المناخ، وتعزيز الديموقراطية، واستثمارات البنية التحتية)). في مسعى من قبل دول الشمال الصناعية الغنية لتعزيز الواقع الدولي للتنمية المستدامة، ومعالجة البنية التحتية في دول الجنوب النامي (وَفْق الأهداف المعلنة للمبادرة). التي وردت كنسخة معدلة عن مبادرة إعادة بناء عالم أفضل (Build Back Better World (B3W)) المعلن عنها في ختام قمة (G7) للعام الماضي 2021.
ما (PGII):
تعود الشراكة بشأن البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) في أصلها إلى رؤية البرنامج الانتخابي للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، واهتمامه بقضية التغيير المناخي على عكس ما كانت عليه إدارة سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب، التي أكدها بتتويج باكورة أعماله فور وصوله إلى البيت الأبيض بعد أدائه اليمين الدستورية بإصدار سلسلة أوامر تنفيذية من بينها مرسوم يُعِيد الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس المناخي ليصرح من بعدها قائلاً: «سنكافح التغيُّر المناخي كما لم نفعل هنا من قبل”. ما حمله في قمة حزيران لدول (G7) على إعلان خطته الجديدة، وبصحبته قادة دول المجموعة؛ الذين أكَّدوا أنَّها ستُظهر الفائدة الملموسة للشراكة مع الديموقراطيات لمساعدة الدول النامية على التعامل مع الصدمات الاقتصادية الناجمة عن جائحة (الكوفيد -19)، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية.. في ظل مساعي حثيثة لتعبئة (600) مليار دولار أميركي من التمويل بحلول العام 2027؛ لتقديم مشاريع بنية تحتية شفافة تسمح بتغيير الواقع في الدول النامية المستهدفة ضمن شراكة عالمية جديدة ليست هي بالمساعدة، ولا بالعمل الخيري، بل عبر الاستثمار الذي سيحقِّق العوائد للجميع بما في ذلك الشعب الأميركي، ويعزِّز كل الاقتصادات على حد تعبير الرئيس صاحب الخطة الذي أوضح أنَّ خطته تحشِّد الاستثمارات الإستراتيجية في المجالات الحيوية للتنمية المستدامة، والأمن العالمي المشترك بمساهمة أميركية قدرها (200) مليار دولار، أي: بما يعادل الثلث من المبلغ الكلي المرصود على مدى السنوات الخمس المقبلة عن طريق المنح والتمويل الفيدرالي والاستفادة من استثمارات القطاع الخاص. كما أكد البيت الأبيض عن طرق إصداره (لورقة حقائق مخصَّصة لمخاطبة الجمهورFact Sheet ) على أنَّ الولايات المتحدة ساعية لتقديم بنية تحتية مستدامة عالية الجودة تسمح بإحداث فروقات جوهرية في حياة سكان البسيطة، وتقوي سلاسل التوريد وتنوعها، وتخلق فرصاً للعمل والأعمال التجارية للمواطن الأميركي بما يعزِّز الأمن القومي للولايات المتحدة عن طريق أربعة مجالات يوضحها المرتسم الآتي.